×
دروس التفسير في المسجد الحرام الجزء الأول

﴿إِنِّيٓ أَعۡلَمُ غَيۡبَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَأَعۡلَمُ مَا تُبۡدُونَ [البقرة: 33]: أي ما تُظهرون.

﴿وَمَا كُنتُمۡ تَكۡتُمُونَ [البقرة: 33] في أنفسكم ولا تُظهرونه.

فالله جل جلاله يعلم ما يتكلم به الناس سرًّا أو جهرًا، ويعلم ما في ضمائرهم وما في نفوسهم ولو لم يتكلموا.

ثم إنه سبحانه وتعالى أمر الملائكة بالسجود لآدم عليه السلام، فقال تعالى: ﴿وَإِذۡ قُلۡنَا لِلۡمَلَٰٓئِكَةِ [البقرة: 34] أي: اذكر - أيها الرسول - للناس: ﴿وَإِذۡ قُلۡنَا لِلۡمَلَٰٓئِكَةِ ٱسۡجُدُواْ لِأٓدَمَ [البقرة: 34] و«إذْ»: لما مضى من الزمان.

﴿ٱسۡجُدُواْ لِأٓدَمَ [البقرة: 34]: تكريمًا له وتشريفًا له.

وهذه ميزة أخرى لآدم عليه السلام بعد ميزة العلم، فالله عز وجل أسجد له الملائكة الكرام، وهذا السجود عبادة لله؛ لأن الله أمر به، ليس عبادة لآدم عليه السلام؛ لأن العبادة لا تجوز إلا لله سبحانه وتعالى، فهذا السجود لآدم عليه السلام هو عبادة لله؛ لأن الله أمر به، وما أَمَر الله به فإن امتثاله عبادة لله عز وجل، وطاعة الأمر عبادة لله عز وجل، وفيه إكرام لآدم عليه السلام.

فهو عبادة لله، وإكرام لآدم عليه السلام.

فامتثل الملائكة أجمعون كما في الآيات الأخرى، امتثلوا هذا الأمر مبادرين غير مترددين، قال تعالى: ﴿فَسَجَدَ ٱلۡمَلَٰٓئِكَةُ كُلُّهُمۡ أَجۡمَعُونَ [الحجر: 30].

وقوله تعالى: ﴿فَسَجَدُوٓاْ [البقرة: 34]: يعني سجدوا في الحال، دون أن يسألوا: لماذا؟ وما الداعي لهذا؟ بل أطاعوا أمر ربهم عز وجل.

وهذه هي العبودية؛ فإن المخلوق عبد يجب عليه الامتثال لأمر الله ولأمر رسوله صلى الله عليه وسلم، من غير أن يتكاسل أو يتأخر، أو يقول: لماذا؟


الشرح