×
دروس التفسير في المسجد الحرام الجزء الأول

وقوله تعالى: ﴿فَسَجَدُوٓاْ [البقرة: 34] يُعطي أنهم كلهم سجدوا. وفي الآية الأخرى: ﴿فَسَجَدَ ٱلۡمَلَٰٓئِكَةُ كُلُّهُمۡ أَجۡمَعُونَ [ص: 73]، تأكيد بعد تأكيد، ولم يتأخر منهم أحد.

﴿إِلَّآ إِبۡلِيسَ [البقرة: 34] استثنى الله إبليس لأنه لم يسجد، وإبليس هو أبو الجن.

والله خَلَق الملائكة من النور، وخَلَق إبليس من النار، وخلق آدم عليه السلام من الطين، وخلق ذريته من ماء مَهين.

فإبليس لم يسجد و ﴿أَبَىٰ وَٱسۡتَكۡبَرَ وَكَانَ مِنَ ٱلۡكَٰفِرِينَ [البقرة: 34].

﴿أَبَىٰ وَٱسۡتَكۡبَرَ [البقرة: 34] عن السجود لآدم عليه السلام، افتخر بأصله، وغَمَط آدم عليه السلام، وظن أن النار التي خُلِق منها أفضل من الطين.

وهذا قياس فاسد!! بل الطين خير من النار؛ لأن الطين يُنبت الأشجار ويُنبت الزروع، وفيه خير. وأما النار فليس لها إنتاج، وهي مادة محرقة، خلاف الطين فإنه مادة طيبة.

وليس النظر إلى الأصول ولا إلى الأنساب، النظر إلى التقوى، هذا هو المعتبر عند الله سبحانه وتعالى. أما النظر إلى الأصل والنظر إلى النسب دون تقوى الله، فلا يجدي شيئًا.

﴿وَكَانَ مِنَ ٱلۡكَٰفِرِينَ [البقرة: 34]: لما استكبر عن أمر الله عز وجل ولم يمتثل، أصبح كافرًا، خارجًا من طاعة الله سبحانه وتعالى.

فهذا فيه خطورة عدم تنفيذ أوامر الله سبحانه وتعالى.

وفيه خطورة الكِبْر، خصوصًا إذا كان الكِبْر على شرع الله عز وجل، فهذا أخطر الكِبْر، قال تعالى: ﴿إِنَّهُۥ لَا يُحِبُّ ٱلۡمُسۡتَكۡبِرِينَ [النحل: 23]. ولا سيما إذا كان الاستكبار عن أمر الله سبحانه وتعالى، أو عن أمر رسوله صلى الله عليه وسلم.


الشرح