×
دروس التفسير في المسجد الحرام الجزء الأول

 ولو كان لا يأمر بالمعروف ولا ينهى عن المنكر إلا مَن هو كامل، ما أَمَر أحد وما نَهَى أحد؛ لأن النقص لا يَسْلَم منه أحد، ولكن باب التوبة مفتوح، فعليك بالتوبة وإصلاح نفسك.

أما أن تأخذ هذه الآية دليلاً على ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتقول: أنا ما عليَّ إلا نفسي، ما دام عندي مخالفات فلا يجوز لي أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر! فهذا غلط.

بل الواجب عليك الأمران: إصلاح نفسك أولاً، ثم إصلاح الآخرين ثانيًا، فإذا تركت واحدًا، لم يَسقط عنك الآخر. مثلاً: لو تركتَ الأمر في نفسك لم يَسقط عنك أمر الناس. وإذا تركتَ أمر الناس لم يسقط عنك أمر نفسك.

ثم قال جل وعلا: ﴿وَٱسۡتَعِينُواْ بِٱلصَّبۡرِ وَٱلصَّلَوٰةِۚ [البقرة: 45]، ما أَعْظَمَ شأنَ هذه الصلاةَ! كم كررها الله في هذه الآية!

﴿وَٱسۡتَعِينُواْ بِٱلصَّبۡرِلما وَجَّه إليهم هذه الأوامر وهذه النواهي، أرشدهم إلى ما يعينهم على تنفيذها؛ لأن هذه أحمال ثقيلة، فما الذي يعين على أدائها؟ الذي يعين على ذلك أمران: الصبر، والصلاة.

والصبر: هو حبس النفس، قال تعالى: ﴿وَٱصۡبِرۡ نَفۡسَكَ مَعَ ٱلَّذِينَ يَدۡعُونَ رَبَّهُم بِٱلۡغَدَوٰةِ وَٱلۡعَشِيِّ [الكهف: 28]، أي احبسها مع الصالحين ولا تجالس غيرهم.

·         والصبر في الشرع ثلاثة أنواع:

الأول: صبر على طاعة الله؛ لأن الطاعة تحتاج إلى صبر؛ لأن فيها مشقة، فيحتاج الإنسان إلى الصبر عليها. مثلاً: الذي يقوم آخر الليل ويترك النوم، هذا فيه مشقة على النفس، يحتاج إلى صبر. الذي يجاهد في سبيل الله يتعرض للموت والجراح، هذه مشقة عظيمة تحتاج إلى صبر.


الشرح