×
دروس التفسير في المسجد الحرام الجزء الأول

لما نهاهم عن هذه الأوامر، نهاهم عن أشياء، فقال: ﴿وَءَامِنُواْ بِمَآ أَنزَلۡتُ [البقرة: 41]، آمِنوا بما أنزلت على محمد صلى الله عليه وسلم وهو القرآن، ﴿مُصَدِّقٗا لِّمَا مَعَكُمۡ [البقرة: 41]: موافقًا لما معكم من التوراة والإنجيل من أوصاف محمد صلى الله عليه وسلم فيها، لم يخالف التوراة والإنجيل في شيء، فهو مُوافِق ومُصَدِّق، فما وجه كفركم بالقرآن؟ مع أنه موافق لما معكم، وأنتم تزعمون أنكم تؤمنون بالتوراة والإنجيل؟!

﴿وَلَا تَكُونُوٓاْ أَوَّلَ كَافِرِۢ بِهِۦۖ [البقرة: 41] الواجب أن تكونوا أول مؤمن به؛ لأنكم أهل علم وأهل معرفة، فالواجب أن تبادروا بالإيمان به قبل غيركم، لكنكم عكستم فصِرتم أول كافر به - والعياذ بالله - عن عناد وعن استكبار.

هذا تعيير لهم بأنهم يَعلمون أنه الحق، فكان الواجب عليهم أن يبادروا بالإيمان، ولكنهم عكسوا الأمر فصاروا أول كافر به، ولا حول ولا قوة إلا بالله، ﴿فَلَمَّا جَآءَهُم مَّا عَرَفُواْ كَفَرُواْ بِهِۦۚ [البقرة: 89].

والذي حَمَلهم على هذا هو الحسد والبغض للحق، والبغض لمحمد صلى الله عليه وسلم؛ لأنه ليس من قبيلهم، وإنما هو من قبيل العرب، من ولد إسماعيل.

فمحمد صلى الله عليه وسلم من ولد إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام، وبقية أنبياء بني إسرائيل من ذرية إسحاق بن إبراهيم عليهما الصلاة والسلام، وكلهم من ذرية إبراهيم.

﴿وَءَامِنُواْ بِمَآ أَنزَلۡتُ مُصَدِّقٗا لِّمَا مَعَكُمۡ وَلَا تَكُونُوٓاْ أَوَّلَ كَافِرِۢ بِهِۦۖ وَلَا تَشۡتَرُواْ بِ‍َٔايَٰتِي ثَمَنٗا قَلِيلٗا وَإِيَّٰيَ فَٱتَّقُونِ [البقرة: 41]، و ﴿وَإِيَّٰيَ فَٱتَّقُونِ، مثل: ﴿وَإِيَّٰيَ فَٱرۡهَبُونِ [البقرة: 40]. «ارهبوني»: يعني خافوني، والرَّهَب: هو الخوف.


الشرح