×
دروس التفسير في المسجد الحرام الجزء الأول

وذلك لأن اليهود كانوا يسكنون في المدينة قبل هجرة النبي صلى الله عليه وسلم، كانوا يسكنونها في الجاهلية، ويقولون: سيُبْعَث نبي من هذه الأرض يكون مُهاجَره في المدينة. لأنهم يجدون هذا في كتابهم، فجاءوا إلى المدينة، واستوطنوها ينتظرون بَعثة هذا الرسول ليكونوا معه وليجاهدوا معه. فلما بُعِث محمد صلى الله عليه وسلم ورأوا أنه من العرب، وكانوا يطمعون أن يكون من بني إسرائيل، حسدوا العرب وكفروا بمحمد صلى الله عليه وسلم، وهم يعلمون أنه رسول الله؛ ولهذا قال: ﴿أَفَتَطۡمَعُونَ أَن يُؤۡمِنُواْ لَكُمۡ  [البقرة: 75] وهذه حالهم؟ أبدًا هذا محال.

﴿وَقَدۡ كَانَ فَرِيقٞ مِّنۡهُمۡ يَسۡمَعُونَ كَلَٰمَ ٱللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُۥ مِنۢ بَعۡدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمۡ يَعۡلَمُونَ [البقرة: 75]، ارتكبوا هذا الأمر عن علم وإصرار وعناد، لم يرتكبوه عن جهل، وإنما ارتكبوه عن تعمد.

والإنسان إذا عصى الله على بصيرة وعلى علم؛ فإن الله يختم على قلبه، كما قال الله سبحانه وتعالى: ﴿أَفَرَءَيۡتَ مَنِ ٱتَّخَذَ إِلَٰهَهُۥ هَوَىٰهُ وَأَضَلَّهُ ٱللَّهُ عَلَىٰ عِلۡمٖ وَخَتَمَ عَلَىٰ سَمۡعِهِۦ وَقَلۡبِهِۦ وَجَعَلَ عَلَىٰ بَصَرِهِۦ غِشَٰوَةٗ فَمَن يَهۡدِيهِ مِنۢ بَعۡدِ ٱللَّهِۚ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ [الجاثية: 23].

فالإنسان إذا عصى الله على بصيرة؛ فإن الله يحرمه من الرجوع إلى الحق بعد ذلك. وهذا شأن اليهود، وغيرهم ممن عصى الله على بصيرة، هذا صنف من علماء بني إسرائيل، يحرفون كلام الله من بعد ما عَقَلوه.

وهم صنفان:

الصنف الأول: جاهروا بالكفر بمحمد صلى الله عليه وسلم وجحدوا رسالته، ﴿فَلَمَّا جَآءَهُم مَّا عَرَفُواْ كَفَرُواْ بِهِۦۚ فَلَعۡنَةُ ٱللَّهِ عَلَى ٱلۡكَٰفِرِينَ  [البقرة: 89].


الشرح