×
دروس التفسير في المسجد الحرام الجزء الأول

«ما تركوا الإسلام إلا من أجل أنهم عَرَفوا أنه على غير حق لأنهم أهل كتاب وأهل معرفة، فلو وجدوا في الإسلام خيرًا ما تركوه».

﴿لَعَلَّهُمۡ يَرۡجِعُونَ [آل عمران: 72] يعني أن يرتد بعض المسلمين اقتداءً بهم.

ويقول الذين لم ينافقوا منهم للذين نافقوا: ﴿تُحَدِّثُونَهُم [البقرة: 76] يعني: أتُحَدِّثون المسلمين ﴿بِمَا فَتَحَ ٱللَّهُ عَلَيۡكُمۡ لِيُحَآجُّوكُم بِهِۦ عِندَ رَبِّكُمۡۚ [البقرة: 76] معنى هذا أنهم يقولون: كيف تخبرون المسلمين بما جرى لليهود من النكبات والعقوبات السابقة، تحدثون المسلمين بذلك بما فتح الله عليكم. والفتح هنا معناه العقوبة، كما قال تعالى عن نوح عليه السلام: ﴿رَبَّنَا ٱفۡتَحۡ بَيۡنَنَا وَبَيۡنَ قَوۡمِنَا بِٱلۡحَقِّ وَأَنتَ خَيۡرُ ٱلۡفَٰتِحِينَ  [الأعراف: 89]، فنوح عليه السلام دعا على الكفار بالفتح، وهو العقوبة والهلاك.

وقيل: المعنى: ما فَتَح الله عليكم بما عندكم من العلم بصفات محمد صلى الله عليه وسلم وأنه رسول الله، تخبرون المسلمين بذلك؟ الواجب عليكم أن تكتموا هذا الشيء ولا تُظهروه. فهم أنكروا عليهم إظهار ما عندهم من العلم بمحمد صلى الله عليه وسلم، قال الله تعالى: ﴿أَوَ لَا يَعۡلَمُونَ أَنَّ ٱللَّهَ يَعۡلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعۡلِنُونَ  [البقرة: 77] هذا الذي تحادثوا به في السر وأخفَوه عن المسلمين، الله عز وجل يعلمه ويطلع عليه، وإن لم يطَّلع عليه المسلمون، فالله عز وجل يطلع على السرائر ويطلع على ما في القلوب، ويطلع على الخفايا، فهم وإن استتروا عن المسلمين فإنهم لا يستترون عن الله سبحانه وتعالى؛ لأن الله يعلم مكرهم وكيدهم، كما قال سبحانه: ﴿يَسۡتَخۡفُونَ مِنَ ٱلنَّاسِ وَلَا يَسۡتَخۡفُونَ مِنَ ٱللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمۡ إِذۡ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرۡضَىٰ مِنَ ٱلۡقَوۡلِۚ وَكَانَ ٱللَّهُ بِمَا يَعۡمَلُونَ مُحِيطًا  [النساء: 108]، فمهما أخفيت ومهما كتمت فإن الله يعلمه وسَيُظهره، وسيفضح من اتصف بذلك.


الشرح