والأرحام لهم حق، وإن
قطعوك فصِلْهم، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لَيْسَ الوَاصِلُ بِالْمُكَافِئِ،
وَلَكِنِ الوَاصِلُ الَّذِي إِذَا قُطِعَتْ رَحِمُهُ وَصَلَهَا»([1])،
فإذا قطعوك فإن إثمهم عليهم؛ لأنهم تركوا الواجب عليهم فيأثمون، لكن يبقى عليك
واجبك أن تحسن إليهم وتصلهم، ولو لم يقوموا هم بواجبهم.
ثم
قال سبحانه وتعالى: ﴿وَٱلۡيَتَٰمَىٰ﴾ [البقرة:
83] هذا حق رابع. واليتامى جمع يتيم، وهو الذي مات أبوه وهو صغير. لأنهم بحاجة إلى
من يرعاهم ويربيهم، وبحاجة إلى من ينفق عليهم إذا كانوا فقراء، وبحاجة إلى من
يتعهدهم؛ لأنهم فقدوا أباهم الذي يربيهم وينفق عليهم ويقوم بحوائجهم.
فمَن
قام بحق اليتيم فله أجر عظيم عند الله، وقد قال صلى الله عليه وسلم: «أَنَا
وَكَافِلُ الْيَتِيمِ فِي الْجَنَّةِ هَكَذَا، وَأَشَارَ بِالسَّبَّابَةِ
وَالْوُسْطَى، وَفَرَّجَ بَيْنَهُمَا شَيْئًا» ([2]).
فاليتيم
له حق على المسلمين، أن يُحْسنوا إليه، وأن يَسدُّوا فقد أبيه، وكفالة اليتيم فيها
أجر عظيم عند الله.
ثم قال سبحانه وتعالى: ﴿وَٱلۡمَسَٰكِينِ﴾ [البقرة: 83] هذا حق خامس للمساكين، وهم الفقراء، فتُحْسن إليهم بالصدقة عليهم، وإعانتهم بالمال، لهم حقان عليك: حق واجب، وحق مستحب. الواجب هو الزكاة، ﴿وَفِيٓ أَمۡوَٰلِهِمۡ حَقّٞ لِّلسَّآئِلِ وَٱلۡمَحۡرُومِ﴾ [الذاريات: 19] ﴿إِنَّمَا ٱلصَّدَقَٰتُ لِلۡفُقَرَآءِ وَٱلۡمَسَٰكِينِ﴾ [التوبة: 60]، بدأ بالفقراء والمساكين لحاجتهم إلى الإحسان إليهم.
([1]) أخرجه: البخاري رقم (5991).