×
دروس التفسير في المسجد الحرام الجزء الأول

قوله تعالى: ﴿مَن كَسَبَ سَيِّئَةٗما هي السيئة التي توجب الخلود في النار؟

جمهور المفسرين على أن المراد بالسيئة هنا الشرك؛ لأن الشرك هو الذي يوجب الخلود في النار. أما بقية السيئات التي دون الشرك فإنها تحت مشيئة الله: إن شاء الله غَفَر لصاحبها، وإن شاء عذبه بقدرها، ثم يخرج من النار، كما قال تعالى: ﴿إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَغۡفِرُ أَن يُشۡرَكَ بِهِۦ وَيَغۡفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَآءُۚ وَمَن يُشۡرِكۡ بِٱللَّهِ فَقَدۡ ضَلَّ ضَلَٰلَۢا بَعِيدًا [النساء: 116].

فإذًا يكون معنى: ﴿مَن كَسَبَ سَيِّئَةٗ وَأَحَٰطَتۡ بِهِۦ خَطِيٓ‍َٔتُهُۥ [البقرة: 81] المراد بذلك الشرك، كما في قوله سبحانه: ﴿وَمَن جَآءَ بِٱلسَّيِّئَةِ فَكُبَّتۡ وُجُوهُهُمۡ فِي ٱلنَّارِ [النمل: 90]. هذا قول.

والقول الثاني: المراد بذلك من رجحت سيئاته على حسناته يوم القيامة، فليس له إلا النار.

قال تعالى: ﴿وَٱلۡوَزۡنُ يَوۡمَئِذٍ ٱلۡحَقُّۚ فَمَن ثَقُلَتۡ مَوَٰزِينُهُۥ فَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ [الأعراف: 8].

وقال تعالى: ﴿وَمَنۡ خَفَّتۡ مَوَٰزِينُهُۥ فَأُوْلَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ خَسِرُوٓاْ أَنفُسَهُم بِمَا كَانُواْ بِ‍َٔايَٰتِنَا يَظۡلِمُونَ [الأعراف: 9].

وفي الآية الأخرى: ﴿وَمَنۡ خَفَّتۡ مَوَٰزِينُهُۥ فَأُوْلَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ خَسِرُوٓاْ أَنفُسَهُمۡ فِي جَهَنَّمَ خَٰلِدُونَ [المؤمنون: 103]، فالمراد على هذا أن من رجحت سيئاته بحسناته يوم القيامة؛ فإنه يكون من أهل النار خالدًا مخلدًا فيها.

والقول الثالث: ﴿بَلَىٰۚ مَن كَسَبَ سَيِّئَةٗ وَأَحَٰطَتۡ بِهِۦ خَطِيٓ‍َٔتُهُۥ [البقرة: 81] المراد به: الذي لم يعمل خيرًا قَطُّ، الذي لم يعمل من الحسنات شيئًا، تَرَك الأعمال وهو يزعم أنه يؤمن بالله،


الشرح