لكن
تَرَك الأعمال متعمدًا وليس له عذر، فهذا أحاطت به خطيئته من جميع الوجوه، ليس له
حسنات يأتي بها يوم القيامة.
وفي
هذا رَدٌّ على المرجئة الذين يقولون: إنه يكفي الإيمان بالقلب
أو باللسان. وأما الأعمال فإن تركها لا يضر عندهم.
الله
عز وجل يقول: ﴿بَلَىٰۚ مَن كَسَبَ سَيِّئَةٗ وَأَحَٰطَتۡ بِهِۦ خَطِيَٓٔتُهُۥ﴾يعني: ليس له عمل صالح وليس له عذر، فهذا لا نجاة له يوم
القيامة، بل يكون من الخالدين في النار؛ لأن النجاة من النار لا تحصل إلا بالعمل
الصالح؛ ﴿ثُمَّ
نُنَجِّي ٱلَّذِينَ ٱتَّقَواْ وَّنَذَرُ ٱلظَّٰلِمِينَ فِيهَا جِثِيّٗا﴾
[مريم: 72].
·
والمقصود أن للمفسرين ثلاثة أقوال:
الأول:
أن المراد بالسيئة: الشرك. وهذا واضح.
الثاني:
أن المراد بالسيئة: مَن رجحت سيئاته بحسناته.
الثالث:
أن المراد: مَن لم يأتِ بأعمال صالحة يوم القيامة وإن كان يزعم أنه يؤمن بالله.
فهذا لا يكون من أهل الجنة، وإنما يكون من أهل النار.
والقول
الأول - إن المراد بالسيئة: الشرك - هذا هو أظهر الأقوال وأرجحها.
وهو
يدل على: أن المشرك لا طمع له في رحمة الله، ولا طمع له في
النجاة من النار.
ويدل أيضًا على: أن المسيء الذي لم تُحِطْ به سيئته أنه ترجى له المغفرة؛ وذلك إذا كان ذنبه دون الشرك؛ فإن الله تعالى قال: ﴿إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَغۡفِرُ أَن يُشۡرَكَ بِهِۦ وَيَغۡفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَآءُۚ﴾ [النساء: 48].