وهذا
الكلام ليس كلام المطوع أو كلام الواعظ، هذا كلام الله سبحانه وتعالى وكلام رسوله
صلى الله عليه وسلم، وهو يبلغك عن الله ورسوله، ويقيم عليك الحجة.
﴿وَلَمَّا جَآءَهُمۡ كِتَٰبٞ مِّنۡ عِندِ ٱللَّهِ﴾ [البقرة: 89] الآية، وهو القرآن؛ ذلك الكتاب العظيم
الذي ما نزل مثلُهُ على الأنبياء، ﴿وَلَمَّا جَآءَهُمۡ﴾أي
اليهود، ﴿كِتَٰبٞ
مِّنۡ عِندِ ٱللَّهِ﴾ [البقرة:
89] وهو القرآن العظيم.
انظر،
قال: ﴿مِّنۡ عِندِ ٱللَّه﴾، ما جاء به محمد من عنده، وإنما هو من عند الله عز وجل،
فهذه شهادة بصدق محمد صلى الله عليه وسلم وصِدْق القرآن، وأنه كلام الله عز وجل، وكذب
الذين يقولون: هذا كلام محمد أو كلام غيره من البشر. ﴿وَقَالُوٓاْ أَسَٰطِيرُ ٱلۡأَوَّلِينَ ٱكۡتَتَبَهَا فَهِيَ تُمۡلَىٰ
عَلَيۡهِ بُكۡرَةٗ وَأَصِيلٗا ٥ قُلۡ
أَنزَلَهُ ٱلَّذِي يَعۡلَمُ ٱلسِّرَّ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۚ إِنَّهُۥ
كَانَ غَفُورٗا رَّحِيمٗا ٦﴾
[الفرقان: 5 - 6].
هذا
القرآن من عند الله، ما هو من عند غيره أبدًا، ولا أحد يستطيع أن يأتي بآية واحدة
منه؛ ﴿قُل لَّئِنِ ٱجۡتَمَعَتِ
ٱلۡإِنسُ وَٱلۡجِنُّ عَلَىٰٓ أَن يَأۡتُواْ بِمِثۡلِ هَٰذَا ٱلۡقُرۡءَانِ لَا
يَأۡتُونَ بِمِثۡلِهِۦ وَلَوۡ كَانَ بَعۡضُهُمۡ لِبَعۡضٖ ظَهِيرٗا﴾
[الإسراء: 88]، ﴿أَمۡ
يَقُولُونَ ٱفۡتَرَىٰهُۖ قُلۡ فَأۡتُواْ بِعَشۡرِ سُوَرٖ مِّثۡلِهِۦ مُفۡتَرَيَٰتٖ
وَٱدۡعُواْ مَنِ ٱسۡتَطَعۡتُم مِّن دُونِ ٱللَّهِ إِن كُنتُمۡ صَٰدِقِينَ﴾
[هود: 13]، تحدَّاهم الله عز وجل، ﴿وَإِن كُنتُمۡ فِي رَيۡبٖ مِّمَّا نَزَّلۡنَا عَلَىٰ عَبۡدِنَا
فَأۡتُواْ بِسُورَةٖ مِّن مِّثۡلِهِۦ وَٱدۡعُواْ شُهَدَآءَكُم مِّن دُونِ ٱللَّهِ
إِن كُنتُمۡ صَٰدِقِينَ﴾ [البقرة:
23]، بسورة واحدة؛ مثل: ﴿قُلۡ
هُوَ ٱللَّهُ أَحَدٌ﴾ [الإخلاص: 1] أو ﴿إِنَّآ أَعۡطَيۡنَٰكَ ٱلۡكَوۡثَرَ﴾
[الكوثر: 1] أو ﴿وَٱلۡعَصۡرِ﴾ [العصر: 1]، ما يستطيعون، هذا دليل على أنه من عند الله
ليس من كلام البشر، لو كان من كلام البشر لاستطاعوا أن يأتوا بمثله؛ ولهذا قال: ﴿مِّنۡ عِندِ ٱللَّه﴾ [البقرة: 89] ففيه رَدٌّ على الجهمية.