×
دروس التفسير في المسجد الحرام الجزء الأول

﴿وَكَانُواْ مِن قَبۡلُ [البقرة: 89] أي: اليهود، ﴿يَسۡتَفۡتِحُونَ عَلَى ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ [البقرة: 89] هذا في الجاهلية، اليهود كانوا في المدينة، والمدينة فيها الأوس والخزرج، واليهود أهل كتاب، والأوس والخزرج في الجاهلية أهل شرك وأهل وثنية وعبادة أصنام. وإذا وقع بين اليهود وبين الأوس والخزرج قتال أو سوء تفاهم، فماذا يقول اليهود؟ يقولون: سيُبعث نبي ونتبعه، ونقاتلكم معه، فنقتلكم قتل عاد!! يتوعدون المشركين بأنه سيُبعث نبي قريب عهده فنتبعه، ونقاتلكم معه، فنقتلكم قتل عاد!! هذا معنى ﴿يَسۡتَفۡتِحُونَ عَلَى ٱلَّذِينَ كَفَرُواْأي: يتوعَّدونهم.

فلما بُعِث محمد صلى الله عليه وسلم وجاء يدعو إلى الله، يدعو الحُجاج في منازلهم في مِنى؛ جاء إلى الأوس والخزرج، وهم مشركون، جاء إليهم يدعوهم إلى الله، وقرأ عليهم القرآن، فلما تفحصوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسمعوا للقرآن، قالوا: هذا الرجل هو الذي تتهددكم به اليهود، فلا يسبقوكم إليه!! فقاموا وبايعوا محمدًا صلى الله عليه وسلم، وآمنوا به، وصاروا أنصارًا للرسول صلى الله عليه وسلم.

وأما اليهود فإنهم لما بُعث محمد صلى الله عليه وسلم، ورأوا أنه من العرب، كفروا به حسدًا؛ لأنهم يريدون أن هذا الرسول يكون منهم، فلما تبين لهم أنه من ولد إسماعيل عليه السلام حسدوه وكفروا به، وقالوا: ليس هذا هو الرسول الذي نحن نعرفه.

﴿فَلَمَّا جَآءَهُم مَّا عَرَفُواْ [البقرة: 89] ما عرفوه في التوراة، والإنجيل﴿ٱلَّذِينَ ءَاتَيۡنَٰهُمُ ٱلۡكِتَٰبَ يَعۡرِفُونَهُۥ [البقرة: 146] يعني محمدًا صلى الله عليه وسلم وهنا يقول: ﴿كَمَا يَعۡرِفُونَ أَبۡنَآءَهُمۡۖ [البقرة: 146] ﴿فَلَمَّا جَآءَهُم مَّا عَرَفُواْ [البقرة: 89] وهو محمد صلى الله عليه وسلم، عرفوا صفاته في التوراة وفي الإنجيل؛ لأن عيسى عليه السلام آخر


الشرح