فعلى
كل حال، روح القدس تفسر بعدة تفاسير، وأصحها أنه جبريل عليه
السلام، كان مع عيسى عليه السلام يؤيده ويقويه، كما كان مع محمد صلى الله عليه
وسلم، وقال نبينا صلى الله عليه وسلم لحسان بن ثابت رضي الله عنه لما هجا
المشركين، ودافع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بشعره، قال: «اهْجُ
الْمُشْرِكِينَ، فَإِنَّ رُوحَ الْقُدُسِ مَعَكَ»([1]).
يعني جبريل عليه السلام. فجبريل يؤيد الله به عباده المؤمنين على خصومهم وعلى من
أرادهم بسوء.
﴿أَفَكُلَّمَا جَآءَكُمۡ رَسُولُۢ بِمَا لَا تَهۡوَىٰٓ أَنفُسُكُمُ ٱسۡتَكۡبَرۡتُمۡ﴾ [البَقَرَة: 87]، يعاتبهم الله سبحانه وتعالى في أنهم
قابلوا هذه النعمة العظيمة - وهي وجود الرسل فيهم - بالكفران، وهي نعمة عظيمة، كما
قال موسى عليه السلام: ﴿يَٰقَوۡمِ
ٱذۡكُرُواْ نِعۡمَةَ ٱللَّهِ عَلَيۡكُمۡ إِذۡ جَعَلَ فِيكُمۡ أَنۢبِيَآءَ
وَجَعَلَكُم مُّلُوكٗا وَءَاتَىٰكُم مَّا لَمۡ يُؤۡتِ أَحَدٗا مِّنَ ٱلۡعَٰلَمِينَ﴾
[المائدة: 20].
فوجود
الأنبياء في بني إسرائيل من أعظم النعم عليهم. وكان الواجب عليهم أن يتبعوا هؤلاء
الرسل ويؤمنوا بما جاءوا به من عند الله سبحانه وتعالى؛ لأنه حق وهدى.
ولكنهم
- والعياذ بالله - لا يؤمنون إلا بما يوافق أهواءهم: فما جاء به الرسول مما يوافق
أهواءهم ورغباتهم، آمنوا به وأخذوه. وما جاء به الرسول يخالف أهواءهم ورغباتهم
كفروا به واستكبروا عنه.
فهم
إنما يتبعون أهواءهم ولا يتبعون الرسول، وهذه مصيبة عظيمة.
والهوى قد يكون إلهًا من دون الله، ﴿أَفَرَءَيۡتَ مَنِ ٱتَّخَذَ إِلَٰهَهُۥ هَوَىٰهُ﴾ [الجاثية: 23] يعني: ما يأمره به هواه يأخذ به، وما يخالف هواه يرفضه.
([1]) أخرجه: البخاري رقم (3213)، ومسلم رقم (2486)، وأحمد رقم (18642).