وليست
هذه طريقة المؤمنين؛ فالمؤمنون يتبعون ما جاء به الرسول، سواء وافق أهواءهم أم خالف
أهواءهم ورغباتهم؛ لأنه في مصلحتهم. ومخالفة الهوى من مصلحة الإنسان. واتباع الهوى
من مضرة الإنسان.
وهذه
آفة عظيمة لا تزال في الناس إلى يومنا هذا، فكثير من الناس لا يَقبلون الحق إلا
إذا وافق أهواءهم. وإذا خالف رغباتهم وأهواءهم، رفضوه والتمسوا له التأويلات
والمخارج، والمعاذير! ولا حول ولا قوة إلا بالله.
هذا
عام في الخلق إلى يومنا هذا، فكثير من الناس لا يقبلون من الشريعة إلا ما يوافق
رغباتهم وينطبق على شهواتهم. وأما ما تعارض مع شهواتهم فإنهم يرفضونه ولا يقولون: «نكفر
به» ولكن يؤولونه على غير تأويله، ويحرفونه عما أنزل الله، ويلتمسون المخارج
والمعاذير والتأويلات الباطلة.
والله
إنما قص علينا قصص بني إسرائيل تحذيرًا لنا من أن نسلك مسلكهم، هذا المسلك الخبيث
الذي لا يأخذ من الوحي المنزل إلا ما يوافق رغبته وشهوته، يحذرنا من ذلك سبحانه وتعالى.
﴿ٱسۡتَكۡبَرۡتُمۡ﴾
[البقرة: 87]: تعاظمتم في أنفسكم عن الانقياد لشرع الله سبحانه وتعالى؛ لأنه يخالف
أهواءكم. والكبر آفة قاتلة والعياذ بالله.
الذي
لا يخضع لحكم الله، ولا يخضع لشرع الله، ويتكبر عليه؛ هذا مثل إبليس لما قال الله
له: اسجد لآدم عليه السلام ﴿أَبَىٰ وَٱسۡتَكۡبَرَ وَكَانَ مِنَ ٱلۡكَٰفِرِينَ﴾
[البقرة: 34]، منعه الكبر - والعياذ بالله -.
كذلك من سلك هذا المسلك من بني آدم فتكبر عن الحق؛ فإنه يتناوله هذا العتاب وهذا اللوم، ليس هذا خاصًّا ببني إسرائيل.