ولما
سُئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الكبر، قال: «الْكِبْرُ بَطَرُ الْحَقِّ،
وَغَمْطُ النَّاسِ»([1]).
هذا هو الكبر، أن الإنسان يدفع الحق ولا يقبله؛ لأنه لا يوافق رغبته، ويحتقر الناس
ويزدريهم. هذا هو الكبر، والعياذ بالله.
والكبر
كبيرة من كبائر الذنوب.
والواجب
على العبد أن يخضع لأوامر الله، ويذل لها، ويذعن لها كلها. أما أنه يأخذ بعضها
ويترك بعضها، فهذا يؤمن ببعض الكتاب ويكفر ببعض، كما سبق.
ولم
يكتفِ بنو إسرائيل بأنهم يتركون الحق ويستكبرون عنه، بل استطالت أيديهم على الأنبياء،
﴿فَفَرِيقٗا كَذَّبۡتُمۡ﴾
[البقرة: 87] مِن الأنبياء مَن كذبتموهم، كما كذبوا عيسى عليه السلام،
ومحمدًا صلى الله عليه وسلم، وجحدوا رسالته. فاليهود جحدوا رسالة عيسى عليه السلام
وكفروا به، وجحدوا رسالة محمد صلى الله عليه وسلم وكفروا به.
﴿وَفَرِيقٗا تَقۡتُلُونَ﴾ [البقرة: 87] من صفات بني إسرائيل الذميمة أنهم إذا جاءهم الأنبياء بما لا يوافق أهواءهم قتلوهم، كما قتلوا زكريا عليه السلام، وقتلوا يحيى عليه السلام، وحاولوا قتل عيسى عليه السلام ولكن رفعه الله وحماه منهم، وحاولوا قتل محمد صلى الله عليه وسلم عدة مرات وسحروه([2])، ووضعوا له السُّمَّ في طعامه عليه السلام ([3])، فأَثَّر السم في محمد صلى الله عليه وسلم، ورقاه جبريل عليه السلام، وشفاه الله من السحر، لكن بقي للسم أثر إلى أن تُوفي الرسول صلى الله عليه وسلم، وهو يحس بالسم الذي وضعوه له. هذا فعلهم مع الأنبياء.
([1]) أخرجه: مسلم رقم (91).