فَأَبَوَاهُ
يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ، أَوْ يُمَجِّسَانِهِ... »
الحديث([1])
فقلوبهم
كقلوب غيرهم من البشر، سليمة من ناحية الخلقة والاستعداد، ولكن الذي صرفهم هو
الكِبْر، فعوقبوا بأن الله لعنهم بكفرهم، أي: بسبب كفرهم، فحرمهم من قَبول الحق،
لما أعرضوا عن الحق عاقبهم الله عز وجل، فجعل قلوبهم لا تقبل الحق أبدًا عقوبة
لهم.
وهكذا
كل من تبيَّن له الحق فلم يقبله؛ فإنه يُعاقَب بفساد قلبه وزيغ قلبه! فلنحذر من
هذه الآفة الخطيرة.
كما
قال سبحانه وتعالى: ﴿إِنَّ
ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ سَوَآءٌ عَلَيۡهِمۡ ءَأَنذَرۡتَهُمۡ أَمۡ لَمۡ تُنذِرۡهُمۡ لَا
يُؤۡمِنُونَ ٦ خَتَمَ ٱللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمۡ وَعَلَىٰ سَمۡعِهِمۡۖ
وَعَلَىٰٓ أَبۡصَٰرِهِمۡ غِشَٰوَةٞۖ وَلَهُمۡ عَذَابٌ عَظِيمٞ ٧﴾
[البقرة: 6- 7]، هذه عقوبة، والعياذ بالله.
وقال
سبحانه وتعالى: ﴿وَأَقۡسَمُواْ
بِٱللَّهِ جَهۡدَ أَيۡمَٰنِهِمۡ لَئِن جَآءَتۡهُمۡ ءَايَةٞ لَّيُؤۡمِنُنَّ بِهَاۚ
قُلۡ إِنَّمَا ٱلۡأٓيَٰتُ عِندَ ٱللَّهِۖ وَمَا يُشۡعِرُكُمۡ أَنَّهَآ إِذَا
جَآءَتۡ لَا يُؤۡمِنُونَ ١٠٩ وَنُقَلِّبُ
أَفِۡٔدَتَهُمۡ وَأَبۡصَٰرَهُمۡ كَمَا لَمۡ يُؤۡمِنُواْ بِهِۦٓ أَوَّلَ مَرَّةٖ
وَنَذَرُهُمۡ فِي طُغۡيَٰنِهِمۡ يَعۡمَهُونَ ١١٠﴾ [الأنعام:
109، 110]. فالسبب أنهم لم يؤمنوا به أول مرة، فلما لم يؤمنوا به أول مرة، سمعوه
فأُغلقت قلوبهم، فصارت لا تقبل الحق، كما قال تعالى﴿فَلَمَّا زَاغُوٓاْ أَزَاغَ ٱللَّهُ قُلُوبَهُمۡۚ وَٱللَّهُ لَا
يَهۡدِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلۡفَٰسِقِينَ﴾ [الصف: 5].
فسُنة الله واحدة في الخَلْق، أن مَن تبين له الحق ولم يقبله تكبرًا عنه وعنادًا وإيثارًا لهواه وشهوته؛ فإن الله يطمس على قلبه، ويزيغ قلبه، ويجعل عليه غلافًا وختمًا؛ ﴿كَلَّاۖ بَلۡۜ رَانَ عَلَىٰ قُلُوبِهِم مَّا كَانُواْ يَكۡسِبُونَ﴾ [المطففين: 14]، يجعل عليه ختمًا وغلافًا ورانًا وزيغًا، فلا يستفيد من قلبه في المستقبل، نسأل الله العافية.