فلنحذر
- يا عباد الله - من هذه الآفة العظيمة.
الواجب
على المسلم إذا بلغه الحق عن الله عز وجل أو عن رسوله صلى الله عليه وسلم؛ أن
يقبله ولا يتكبر عنه ولا يُعْرِض عنه، بل يقبله وينتفع به. وليحذر أن يرده ويتكبر
عليه، ويؤثر شهوات نفسه؛ لئلا يُطمس على قلبه فلا يستفيد من قلبه بعد ذلك. نسأل
الله العافية.
ثم
قال تعالى: ﴿بَل لَّعَنَهُمُ ٱللَّهُ﴾ [البقرة:
88]، واللعن: هو الطرد والإبعاد عن رحمة الله. ﴿لَّعَنَهُمُ ٱللَّهُ﴾ أي طَرَدهم وأبعدهم من رحمته
سبحانه.
كما
لعن إبليس لما أبى واستكبر فكان من الكافرين؛ ﴿قَالَ فَٱخۡرُجۡ مِنۡهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٞ ٣٤ وَإِنَّ عَلَيۡكَ ٱللَّعۡنَةَ إِلَىٰ يَوۡمِ ٱلدِّينِ ٣٥﴾
[الحجر: 34- 35]، والسبب أنه أبى أن يمتثل أمر الله، وقال: ﴿أَنَا۠ خَيۡرٞ مِّنۡهُ
خَلَقۡتَنِي مِن نَّارٖ وَخَلَقۡتَهُۥ مِن طِينٖ﴾
[ص: 76]، فلعنه الله، أي: طرده وأبعده من رحمته.
كذلك
بنو إسرائيل، لما أعرضوا عن دعوة محمد صلى الله عليه وسلم، وكفروا به، وهم يعلمون
أنه رسول الله - كما سيأتي -، لكن الذي منعهم من اتباعه العصبية، والحمية
الجاهلية، والاستكبار عن الحق، فماذا كانت النتيجة؟ ﴿لَّعَنَهُمُ ٱللَّهُ بِكُفۡرِهِمۡ فَقَلِيلٗا مَّا يُؤۡمِنُونَ﴾
[البقرة: 88]، بعد ذلك قَلَّ مَن يؤمن منهم؛ ولذلك لم يؤمن من اليهود إلا
العدد القليل إلى عهدنا هذا، ولم يؤمن إلا القليل ممن وفقهم الله سبحانه وتعالى.
والمسلمون من النصارى أكثر من المسلمين من اليهود؛ لأن الله قال عن النصارى: ﴿وَلَتَجِدَنَّ أَقۡرَبَهُم مَّوَدَّةٗ لِّلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱلَّذِينَ قَالُوٓاْ إِنَّا نَصَٰرَىٰۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّ مِنۡهُمۡ قِسِّيسِينَ وَرُهۡبَانٗا وَأَنَّهُمۡ لَا يَسۡتَكۡبِرُونَ﴾ [المائدة: 82]، بخلاف اليهود فإنهم يستكبرون. وقال عن النصارى: ﴿وَإِذَا سَمِعُواْ مَآ أُنزِلَ إِلَى ٱلرَّسُولِ تَرَىٰٓ أَعۡيُنَهُمۡ تَفِيضُ مِنَ ٱلدَّمۡعِ مِمَّا عَرَفُواْ مِنَ ٱلۡحَقِّۖ﴾ [المائدة: 83]، فأسلم من النصارى