×
دروس التفسير في المسجد الحرام الجزء الأول

والواجب على من تبين له الحق بدليله أن يأخذ به، سواء قال به إمامه أم قال به غير إمامه.

ولهذا يقول الإمام الشافعي رحمه الله: أجمع المسلمون على أن من استبانت له سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، لم يكن له ليَدَعها لقول أحد.

والإمام أحمد رحمه الله يقول: عجبت لقوم عَرَفوا الإسناد وصحته يذهبون إلى رأي سفيان، والله تعالى يقول: ﴿فَلۡيَحۡذَرِ ٱلَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنۡ أَمۡرِهِۦٓ أَن تُصِيبَهُمۡ فِتۡنَةٌ أَوۡ يُصِيبَهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمٌ [النور: 63].

والإمام أبو حنيفة رحمه الله يقول: إذا جاء الحديث عن الله، فعلى الرأس والعين. وإذا جاء الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعلى الرأس والعين. وإذا جاء الحديث عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعلى الرأس والعين. وإذا جاء الحديث عن التابعين، فهم رجال ونحن رجال.

هذا هو الحق، وهو اتباع الدليل، دون نظر إلى من قال به أو من اتبعه.

هذا هو واجب المسلمين، أنهم لا يتعصبون للمذاهب ولا للحزبيات ولا للجماعات ولا لأقوال الرجال؛ وإنما يأخذون بما قام عليه الدليل من كتاب الله وسنة رسوله، ولا يكونون كاليهود الذين قالوا: ﴿نُؤۡمِنُ بِمَآ أُنزِلَ عَلَيۡنَا وَيَكۡفُرُونَ بِمَا وَرَآءَهُۥ [البقرة: 91] من باب التعصب والحَمِية الجاهلية.

ثم إن الله جل جلاله رَدَّ على اليهود قولهم هذا من عدة وجوه:

الوجه الأول: قوله تعالى: ﴿وَهُوَ ٱلۡحَقُّ مُصَدِّقٗا لِّمَا مَعَهُمۡۗ [البقرة: 91] فما دام أن ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم حق لا ريب فيه، فالواجب اتباع الحق، لا سيما وأنه موافق لما جاء به موسى وعيسى عليهما السلام؛


الشرح