لأن
الأنبياء - عليهم الصلاة والسلام - طريقتهم واحدة، كلهم طريقتهم واحدة من أولهم
إلى آخرهم، يَدْعون إلى التوحيد ويَنْهَون عن الشرك ويأمرون بعبادة الله وحده لا
شريك له، كل الرسل على هذا.
فما
جاء به محمد صلى الله عليه وسلم موافق لما جاءت به الرسل من الأمر بعبادة الله
وتوحيده، والنهي عن الشرك والبدع والمحدثات، والنهي عن التعصب للباطل وتَرْك الحق،
كل الرسل جاءوا بهذا - عليهم الصلاة والسلام -.
فهذا
معنى قوله: ﴿وَهُوَ ٱلۡحَقُّ مُصَدِّقٗا لِّمَا مَعَهُمۡۗ﴾
[البقرة: 91] أي: إن القرآن وما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم؛ موافق لما جاء به
إخوانه المرسلون من قبله، ومنهم موسى عليه السلام، ليس بينهم اختلاف في العقيدة
والدعوة إلى الله عز وجل والأمر بعبادة الله عز وجل، طريقتهم واحدة.
فبَطَل
قولهم: ﴿نُؤۡمِنُ بِمَآ أُنزِلَ عَلَيۡنَا﴾ [البقرة:
91]؛ لأن ما أَنْزَل الله على محمد موافق لما أُنْزِل عليهم ومصدق لما معهم، فلم
يكن لهم عذر في اتباعه والأخذ به؛ لأنهم عباد مأمورون باتباع الرسل عليهم السلام
دون تفريق بينهم وتعصب لبعضهم دون بعض.
الوجه
الثاني الذي دلَّ على كذبهم: أنهم يقتلون الأنبياء. وهل فيما
أنزل الله عليهم قتل الأنبياء أم الأمر باتباع الأنبياء - عليهم الصلاة والسلام -
؟
ولهذا قال تعالى: ﴿قُلۡ﴾ [البقرة: 91] أي: اسألهم ﴿فَلِمَ تَقۡتُلُونَ أَنۢبِيَآءَ ٱللَّهِ﴾ [البقرة: 91] لأنهم قتلوا فريقًا من الأنبياء، وحاولوا قتل المسيح عليه السلام فرفعه الله وعصمه منهم، وحاولوا قتل محمد صلى الله عليه وسلم. وهم يقولون: ﴿نُؤۡمِنُ بِمَآ أُنزِلَ عَلَيۡنَا﴾ [البقرة: 91]، هل الله عز وجل أنزل عليهم أنهم يقتلون الأنبياء؟ فصاروا لا يؤمنون بما أنزل عليهم.