﴿وَمَا يَكۡفُرُ بِهَآ إِلَّا ٱلۡفَٰسِقُونَ﴾
[البقرة: 99]، فمَن كفر بالقرآن أو ببعض القرآن أو بسورة أو بآية أو بكلمة
أو بحرف من القرآن، وقال: هذا ليس من عند الله، هذه الآية ليست من عند الله، هذه
الكلمة ما هي من عند الله، هذا زائد في الآية، ما هو من عند الله. فإنه يَكفر
الكفر المخرج من الملة، والعياذ بالله؛ لأن الله يقول: ﴿وَلَقَدۡ أَنزَلۡنَآ إِلَيۡكَ ءَايَٰتِۢ بَيِّنَٰتٖۖ وَمَا يَكۡفُرُ
بِهَآ إِلَّا ٱلۡفَٰسِقُونَ﴾ [البقرة: 99]، أي: يَكفر بها أو
ببعضها.
وفي
مقدمة هؤلاء اليهودُ الذين كفروا بالقرآن وقالوا: لا نؤمن إلا بما أُنْزِل علينا.
وقالوا: لا نؤمن بما نَزَل به جبريل؛ لأنه عدونا!
فيقال
لهم: جبريل إنما هو عبد من عباد الله، ورسول ومبلِّغ عن
الله جل وعلا، والكلام كلام الله. فالذي يخالف هذا القرآن لا يكون مخالفًا لجبريل،
إنما يكون مخالفًا لأمر الله سبحانه وتعالى. والذي يكفر بهذا القرآن لا يكون
كافرًا بجبريل، وإنما يكون كافرًا بالله. والذي يكفر بهذا القرآن لا يضر جبريل
عليه السلام وإنما يضر نفسه؛ لأن جبريل إنما هو عبد ورسول ومبلغ عن الله سبحانه
وتعالى، ﴿فَإِنَّهُۥ
نَزَّلَهُۥ عَلَىٰ قَلۡبِكَ بِإِذۡنِ ٱللَّهِ﴾
[البقرة: 97]، ومبلغ، وقد بَلَّغ البلاغ المبين بأمانة، بَلَّغ ما حمل من
عند الله بأمانة؛ لأنه أمين، الروح الأمين.
ثم
قال الله جل وعلا: ﴿أَوَ كُلَّمَا عَٰهَدُواْ عَهۡدٗا نَّبَذَهُۥ فَرِيقٞ مِّنۡهُمۚ بَلۡ
أَكۡثَرُهُمۡ لَا يُؤۡمِنُونَ﴾ [البقرة:
100] ﴿نَّبَذَهُۥ فَرِيقٞ
مِّنۡهُمۚ﴾. النبذ: هو الطرح، أي: طرحوه، وتهاونوا به.
هذه من صفات اليهود، الغدر بالعهود، وعدم الوفاء بالمواثيق، هذه صفات اليهود اللازمة لهم في كل زمان ومكان، اليهود مشهورون بالغدر والخيانة، ونقض العهود والمواثيق، إلى يومنا هذا وإلى الأبد.