والنبي
صلى الله عليه وسلم دعا الناس كافة، لم يقتصر على دعوة العرب، بل دعا الناس كافة،
وصار يكاتب الملوك والرؤساء، ملوك العرب وملوك العجم وملوك الفرس، يكاتبهم صلى
الله عليه وسلم ويدعوهم إلى الإسلام وإلى اتباعه صلى الله عليه وسلم.
كما
كتب إلى هرقل عظيم الروم، فقال في كتابه: «مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ
إِلَى هِرَقْلَ عَظِيمِ الرُّومِ، سَلاَمٌ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الهُدَى، أَمَّا
بَعْدُ: فَإِنِّي أَدْعُوكَ بِدِعَايَةِ الإِسْلاَمِ، أَسْلِمْ تَسْلَمْ،
وَأَسْلِمْ يُؤْتِكَ اللَّهُ أَجْرَكَ مَرَّتَيْنِ، فَإِنْ تَوَلَّيْتَ فَإِنَّ
عَلَيْكَ إِثْمَ الأَرِيسِيِّينَ»([1]).
أي:
إنك تتحمل إثم مَن اتبعك على الكفر من رعيتك، حتى الأريسيين وهم الفلاحون.
فقال
له: أنت بين أمرين:
الأمر
الأول: إما أن تُسْلِم فتَسْلَم وتحصل على الأجر مرتين، ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ
ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَءَامِنُواْ بِرَسُولِهِۦ يُؤۡتِكُمۡ كِفۡلَيۡنِ مِن
رَّحۡمَتِهِۦ﴾ [الحديد:
28]، هذا في أهل الكتاب.
الأمر
الثاني: هو أنك لا تُسْلِم، فتتحمل آثام أمتك الذين يتبعونك.
وكتب
صلى الله عليه وسلم إلى كسرى ملك الفرس، وكتب إلى ملوك الأرض يدعوهم.
فهذا
دليل على عموم رسالته صلى الله عليه وسلم، وأنه ليس مرسلاً إلى العرب خاصة، وإنما
هو مرسل إلى الناس كافة.
وهذا من خصائصه صلى الله عليه وسلم، قال صلى الله عليه وسلم: «كَانَ النَّبِيُّ يُبْعَثُ إِلَى قَوْمِهِ خَاصَّةً، وَبُعِثْتُ إِلَى النَّاسِ كَافَّةً»([2]).
([1]) أخرجه: البخاري رقم (4553)، ومسلم رقم (1773).