×
دروس التفسير في المسجد الحرام الجزء الأول

وفي هذه الآية جاءوا بعذر آخَر؛ فإنهم سألوا النبي صلى الله عليه وسلم، لما دعاهم إلى الإسلام والإيمان، قالوا: مَن الذي ينزل عليك من الملائكة؟ قال: «جبريل». قالوا: هذا عدونا؛ لأنه ينزل بالعذاب والعقوبات فلا نؤمن به، لو كان الذي نزل بالقرآن ميكائيل لاتبعناك؛ لأن ميكائيل موكل بالقطر والنبات وما فيه حياة للناس وحياة للأرض، فلو كان الذي نزل عليك هو ميكائيل الذي ينزل بالقطر والنبات والحياة لاتبعناك، أما الذي نزل عليك جبريل الذي ينزل بالخسف والعقوبات ودمار الأمم، فهذا عدو لنا، ولا نقبل!! ([1]).

قال الله سبحانه وتعالى: ﴿قُلۡ [البقرة: 97]، أيها النبي: ﴿مَن كَانَ عَدُوّٗا لِّـجِبۡرِيلَ فَإِنَّهُۥ نَزَّلَهُۥ عَلَىٰ قَلۡبِكَ بِإِذۡنِ ٱللَّهِ [البقرة: 97]، فجبريل ينزل بالعذاب وينزل بالعقوبات، وينزل بالخير أيضًا، وينزل بالوحي، وهو عبدٌ مأمور يدبره الله سبحانه، ويأمره كيف يشاء، لا يتصرف من عند نفسه، وإنما هو رسول كريم، ومَلَكٌ كريم، أعطاه الله من القوة والأمانة ما اختص به من بين سائر الملائكة.

فهو الرسول الموكل بالوحي؛ لأن الملائكة أصناف، كل صنف موكل بعمل يقوم به.

فجبريل موكل بالوحي، وموكل بأخذ الأمم الكافرة بأمر الله سبحانه وتعالى. وميكائيل موكل بالقطر والنبات. وإسرافيل موكل بالنفخ في الصور، فتحيا الأرواح بعد موتها، فيحيا الأموات، إذا نفخ في الصور طارت كل رُوح في القرن الذي نفخ فيه إلى جسمها، فتحيا الأجساد من قبورها، ﴿ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخۡرَىٰ فَإِذَا هُمۡ قِيَامٞ يَنظُرُونَ [الزمر: 68].


الشرح

([1]) أخرجه: أحمد رقم (2483).