×
دروس التفسير في المسجد الحرام الجزء الأول

وقال: ﴿عَلَىٰ قَلۡبِكَ؛ لأن القلب هو محل الاعتبار ومحل العلم ومحل الخشية لله عز وجل، القلب هو مَلِك الأعضاء، وقال: «أَلاَ وَإِنَّ فِي الجَسَدِ مُضْغَةً: إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الجَسَدُ كُلُّهُ، أَلاَ وَهِيَ القَلْبُ»([1]).

فالقلب هو محط الاعتبار والتفكر والعلم والخشية لله عز وجل، وهو بيت الإيمان واليقين؛ ولذلك قال: ﴿عَلَىٰ قَلۡبِكَ، ولم يقل: «عليك» بل قال: ﴿نَزَلَ بِهِ ٱلرُّوحُ ٱلۡأَمِينُ ١٩٣ عَلَىٰ قَلۡبِكَ لِتَكُونَ مِنَ ٱلۡمُنذِرِينَ ١٩٤ [الشعراء: 193-194]، فالعلم محله القلب وليس محله اللسان.

فإذا عَلِم القلب علمًا صحيحًا واستقام على طاعة الله؛ استقام البدن. وإذا عَمِي القلب عَمِي البدن، ﴿أَفَلَمۡ يَسِيرُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَتَكُونَ لَهُمۡ قُلُوبٞ يَعۡقِلُونَ بِهَآ أَوۡ ءَاذَانٞ يَسۡمَعُونَ بِهَاۖ فَإِنَّهَا لَا تَعۡمَى ٱلۡأَبۡصَٰرُ وَلَٰكِن تَعۡمَى ٱلۡقُلُوبُ ٱلَّتِي فِي ٱلصُّدُورِ [الحج: 46].

فالقلب عليه مدار عظيم؛ لأن صلاح القلب صلاح للبدن، وفساد القلب فساد للبدن؛ ولهذا كان صلى الله عليه وسلم يقول في دعائه: «يَا مُقَلِّبَ القُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ»، ويكرر هذا الدعاء، فتقول له عائشة: أَتَخَافُ يَا رَسُولَ اللهِ ؟! فَيَقُولُ: «إِنَّ قُلُوبَ بَنِي آدَمَ كُلَّهَا بَيْنَ إِصْبَعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ الرَّحْمَنِ، كَقَلْبٍ وَاحِدٍ، يُصَرِّفُهُ حَيْثُ يَشَاءُ»([2]).

فالمدار على القلوب، ﴿قُلۡ مَن كَانَ عَدُوّٗا لِّـجِبۡرِيلَ فَإِنَّهُۥ نَزَّلَهُۥ عَلَىٰ قَلۡبِكَ بِإِذۡنِ ٱللَّهِ مُصَدِّقٗا لِّمَا بَيۡنَ يَدَيۡهِ وَهُدٗى وَبُشۡرَىٰ لِلۡمُؤۡمِنِينَ [البقرة: 97].


الشرح

([1]) أخرجه: البخاري رقم (52)، ومسلم رقم (1599).

([2]) أخرجه: أحمد رقم (26133)، والآجري في الشريعة رقم (733).