×
دروس التفسير في المسجد الحرام الجزء الأول

السحر، ولا يأذن بالسحر إذنًا شرعيًّا، وإنما يأذن به إذنًا قدريًّا؛ لأن الله يُقَدِّر الخير ويُقَدِّر الشر، ويُقَدِّر الحياة والموت، ويُقَدِّر المرض والصحة، ويُقَدِّر الغنى والفقر، فكل شيء بقدر الله سبحانه وتعالى.

فالسحرة لا يستطيعون أن يضروا مسلمًا أو يضروا مجتمعًا، إلا إذا قَدَّر الله جل وعلا ذلك وسلطه عليهم عقوبةً لهم.

فيجب على المسلم: أن يلجأ إلى الله، وأن يعتصم بالله، وأن يُكثر من ذكر الله، ومن الوِرد صباحًا ومساءً، حتى يحميه الله جل وعلا من كيد هؤلاء الشياطين والسحرة.

ودلت الآية الكريمة على أن كل شيء بقدر الله، والسحر والكفر والشرك، والإيمان والإحسان، كله بقضاء الله وقدره سبحانه وتعالى، لا يكون في مُلْكه جل وعلا إلا ما يريد، كلٌّ بقضاء الله وقدره، وقدر الخير وقدر الشر لحكمة.

وقال جل وعلا: ﴿وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمۡ وَلَا يَنفَعُهُمۡۚ [البقرة: 102]. هذا دليل آخر وبرهان آخر على بطلان السحر؛ لأن الله أخبر أنه ضرر محض وليس فيه نفع؛ لأن الأشياء على خمسة أقسام:

النوع الأول: إما أن تكون خيرًا محضًا، أي: خالصًا لا شر فيها؛ مثل الطاعات والإيمان.

النوع الثاني: وإما أن تكون شرًّا محضًا لا خير فيها أبدًا، وهذا مثل السحر؛ فإنه شر محض لا خير فيه؛ مثل الشرك والكفر، ومثل عقوق الوالدين.

النوع الثالث: ما كان فيه خير وفيه شر، ولكن شره أكثر من خيره، وضرره أكثر من نفعه. وهذا حرام، قال تعالى: ﴿يَسۡ‍َٔلُونَكَ عَنِ ٱلۡخَمۡرِ وَٱلۡمَيۡسِرِۖ قُلۡ فِيهِمَآ إِثۡمٞ كَبِيرٞ وَمَنَٰفِعُ لِلنَّاسِ وَإِثۡمُهُمَآ أَكۡبَرُ مِن نَّفۡعِهِمَاۗ [البقرة: 219]، فما كان ضرره أكثر من نفعه فهو حرام.


الشرح