وقوله:
﴿مِّنَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡكِتَٰبَ﴾،
هذا من باب التعيير لهم؛ لأن الواجب عليهم - لما كانوا من أهل الكتاب - الامتثال
بموجب الكتاب الذي معهم.
ثم
قال جل وعلا: ﴿وَٱتَّبَعُواْ مَا تَتۡلُواْ ٱلشَّيَٰطِينُ عَلَىٰ مُلۡكِ سُلَيۡمَٰنَۖ﴾
[البقرة: 102]، هذا من العَجب العُجاب!! أنهم نبذوا كتاب الله وتعوضوا عنه بالسحر
الذي هو من عمل الشيطان، تركوا وحي الرحمن وأخذوا بعمل الشيطان، والعياذ بالله.
﴿وَٱتَّبَعُواْ مَا تَتۡلُواْ ٱلشَّيَٰطِينُ﴾هكذا
تركوا ما أنزله الله، وأَخَذوا ما تُعَلِّمه الشياطين.
وهذه
سُنة الله جل وعلا في خلقه، أن مَن تَرَك الحق ابتُلي بالباطل، هذا في اليهود وفي
غيرهم، كل مَن تبين له الحق وتركه فإنه يُبتلى بالباطل، والعياذ بالله، فلنحذر من
هذا.
ليس
هذا خاصًّا باليهود، بل هو عامٌّ لكل مَن تَرَك الحق رغبةً عنه وتكبرًا وعنادًا؛
فإنه يُبتلى بالباطل.
فمَن
أبى أن يَعبد الله عز وجل، ابتُلي بعبادة الشيطان، وابتُلي بعبادة الأصنام،
وابتُلي بعبادة الطواغيت. كما هو حال كثير من الخلق الذين استكبروا عن عبادة الله،
فابتُلوا بعبادة المخلوقين، ابتُلوا بعبادة الأصنام والأشجار والأحجار والطواغيت
وعبادة الشياطين.
كما
قال العلامة ابن القيم رحمه الله:
هربوا من الرِّق الذي خُلِقوا له *** فبُلُوا برِقِّ النفس والشيطانِ([1])
([1]) الكافية الشافية في الانتصار للفرقة الناجية (1/ 308).