×
دروس التفسير في المسجد الحرام الجزء الأول

وهكذا، مَن أبى أن يعبد الله ابتُلي بعبادة الشياطين وعبادة غير الله عز وجل.

وهذا ما عليه المشركون؛ لأن الله خلقهم لعبادته، كما قال تعالى: ﴿وَمَا خَلَقۡتُ ٱلۡجِنَّ وَٱلۡإِنسَ إِلَّا لِيَعۡبُدُونِ [الذاريات: 56]، فلما استكبروا عن عبادة الله ابتلاهم الله فعبدوا غير الله عز وجل.

وقوله: ﴿مَا تَتۡلُواْ ٱلشَّيَٰطِينُ [البقرة: 102]، ﴿مَا تَتۡلُواْ معناه: ما تتبع الشياطين وما تعمل؛ لأن السحر من عمل الشياطين، يأخذه بعضهم عن بعض، ويتلقاه بعضهم عن بعض، فهم يتلو بعضهم بعضًا، ويتبع بعضهم بعضًا، ﴿وَكَذَٰلِكَ نُوَلِّي بَعۡضَ ٱلظَّٰلِمِينَ بَعۡضَۢا بِمَا كَانُواْ يَكۡسِبُونَ [الأنعام: 129].

﴿عَلَىٰ مُلۡكِ سُلَيۡمَٰنَۖ [البقرة: 102]: أي: في عهد مُلْك سليمان.

وهو سليمان بن داود عليهما السلام، النبي ابن النبي عليهما الصلاة والسلام، كما قال الله جل وعلا: ﴿وَوَرِثَ سُلَيۡمَٰنُ دَاوُۥدَۖ [النمل: 16]، ورثه بالنبوة والمُلْك؛ لأن داود كان نبيًّا مَلِكًا، وابنه سليمان ورثه بالنبوة والمُلْك.

أما المال فإن الأنبياء لا يورثونه، كما قال صلى الله عليه وسلم: «نَحْنُ مَعَاشِرَ الأَْنْبِيَاءِ لاَ نُورَثُ»([1]).

وإنما الوراثة هنا في النبوة لا بالمال، كما قال زكريا عليه السلام: ﴿وَإِنِّي خِفۡتُ ٱلۡمَوَٰلِيَ مِن وَرَآءِي وَكَانَتِ ٱمۡرَأَتِي عَاقِرٗا فَهَبۡ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيّٗا ٥ يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنۡ ءَالِ يَعۡقُوبَۖ وَٱجۡعَلۡهُ رَبِّ رَضِيّٗا ٦ [مريم: 5، 6]، يعني: يرث النبوة، وليس المراد وراثة المال.

فسليمان نبي ومَلِك، وهو ابن نبي ومَلِك من بني إسرائيل.


الشرح

([1]) أخرجه: البخاري رقم (6730)، ومسلم رقم (1758).