×
دروس التفسير في المسجد الحرام الجزء الأول

 فبرَّأ الله نبيه من هذه الفِرية فقال: ﴿وَمَا كَفَرَ سُلَيۡمَٰنُ وَلَٰكِنَّ ٱلشَّيَٰطِينَ كَفَرُواْ [البقرة: 102] أي: إن السحر إنما هو من عمل الشياطين وحرفة الشياطين؛ شياطين الإنس وشياطين الجن. ولا يليق بالأنبياء وأهل الإيمان أن يستعملوا السحر، ﴿وَمَا كَفَرَ سُلَيۡمَٰنُ وَلَٰكِنَّ ٱلشَّيَٰطِينَ كَفَرُواْ يُعَلِّمُونَ ٱلنَّاسَ ٱلسِّحۡرَ [البقرة: 102]، فالسحر من تعليم الشياطين - لعنهم الله -. وفي هذا دليل على أن تعلُّم السحر كفر.

ما هو السحر؟

السحر لغة: عبارة عما لَطَف وما خفي سببه.

أما السحر في الاصطلاح: فهو عمل رُقًى وعزائم عبارة عن رقى شيطانية وعزائم شيطانية، وعُقَد يعقدونها بالخيوط وينفثون فيها، ثم تؤثر في بدن المسحور أو في عقله.

وهو حقيقيٌّ وتخييليٌّ.

فالسحر الحقيقيُّ: منه ما يُمرض، ومنه ما يخبل العقل، ومنه ما يقتل.

والسحر صناعة يمكن تعلمها، ولا يتعلمه إلا أهل الكفر وأهل الشرك، ولا يُعَلِّمه إلا الشياطين. هذا نوع.

النوع الثاني: السحر التخييلي الذي ليس له حقيقة، وإنما هو تخييل على العيون، يخيل على الإنسان شيء على غير حقيقته، وهو ما يسمى بالقمرة، حتى يخيل إلى الأبصار الشيء على غير حقيقته، كما قال الله سبحانه وتعالى في سحرة فرعون: ﴿فَلَمَّآ أَلۡقَوۡاْ سَحَرُوٓاْ أَعۡيُنَ ٱلنَّاسِ وَٱسۡتَرۡهَبُوهُمۡ وَجَآءُو بِسِحۡرٍ عَظِيمٖ [الأعراف: 116]، وكما قال في الآية الأخرى: ﴿يُخَيَّلُ إِلَيۡهِ مِن سِحۡرِهِمۡ أَنَّهَا تَسۡعَىٰ [طه: 66]. أي: العِصِي والحبال يخيل إلى


الشرح