﴿مِّنۡ خَيۡرٖ﴾أيّ خير ولو كان قليلاً، ما يريدون
أنه يصل إلى المسلمين أي خير، يريدون أن يقطعوا عنهم مدد السماء، ويقطعوا عنهم
الصلة مع الله سبحانه وتعالى.
هذا
ما يريده الكفار للمسلمين في كل زمان وفي كل مكان، سواء كانوا من أهل الكتاب - وهم
اليهود والنصارى - أو كانوا من المشركين الوثنيين الذين ليس عندهم كتاب، فالكفر
ملة واحدة، في هذا كل الكفار عن بكرة أبيهم، سواء كانوا كتابيين أو كانوا وثنيين
وأُمِّيِّين، كلهم يضمرون الحقد والعداوة والبغضاء للمسلمين. وليس هذا في وقت نزول
القرآن فقط، بل هذا مستمر إلى يوم القيامة.
ولهذا
قال: ﴿مَّا يَوَدُّ﴾
[البقرة: 105] يعني في المستقبل.
وقوله:
﴿كَفَرُواْ مِنۡ أَهۡلِ ٱلۡكِتَٰبِ﴾
[البقرة: 105] لم يُعمِّم سبحانه لأن أهل الكتاب ليسوا كلهم كفارًا، بل منهم المؤمنون
الذين يحبون المسلمين.
كما
قال تعالى: ﴿لَيۡسُواْ سَوَآءٗۗ مِّنۡ
أَهۡلِ ٱلۡكِتَٰبِ أُمَّةٞ قَآئِمَةٞ يَتۡلُونَ ءَايَٰتِ ٱللَّهِ ءَانَآءَ ٱلَّيۡلِ
وَهُمۡ يَسۡجُدُونَ ١١٣ يُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ
وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ وَيَأۡمُرُونَ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَيَنۡهَوۡنَ عَنِ ٱلۡمُنكَرِ
وَيُسَٰرِعُونَ فِي ٱلۡخَيۡرَٰتِۖ وَأُوْلَٰٓئِكَ مِنَ ٱلصَّٰلِحِينَ ١١٤﴾
[آل عمران: 113، 114].
وكما
قال تعالى: ﴿وَإِنَّ مِنۡ أَهۡلِ ٱلۡكِتَٰبِ
لَمَن يُؤۡمِنُ بِٱللَّهِ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيۡكُمۡ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيۡهِمۡ
خَٰشِعِينَ لِلَّهِ لَا يَشۡتَرُونَ بَِٔايَٰتِ ٱللَّهِ ثَمَنٗا قَلِيلًاۚ
أُوْلَٰٓئِكَ لَهُمۡ أَجۡرُهُمۡ عِندَ رَبِّهِمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ سَرِيعُ ٱلۡحِسَابِ﴾
[آل عمران: 199].
وكما قال سبحانه وتعالى: ﴿وَإِذَا سَمِعُواْ مَآ أُنزِلَ إِلَى ٱلرَّسُولِ تَرَىٰٓ أَعۡيُنَهُمۡ تَفِيضُ مِنَ ٱلدَّمۡعِ مِمَّا عَرَفُواْ مِنَ ٱلۡحَقِّۖ يَقُولُونَ رَبَّنَآ ءَامَنَّا فَٱكۡتُبۡنَا مَعَ ٱلشَّٰهِدِينَ﴾ [المائدة: 83].