×
دروس التفسير في المسجد الحرام الجزء الأول

فهناك من أهل الكتاب أُمة قائمة يتلون آيات الله آناء الليل، وهم الذين آمنوا بالرسل وبالكتب، وعاشوا على ذلك وماتوا عليه قبل بَعثة النبي صلى الله عليه وسلم، هؤلاء مؤمنون لهم أجرهم عند ربهم.

والذين أدركوا النبي صلى الله عليه وسلم منهم فآمنوا به؛ هؤلاء لهم أجران: أجر الإيمان بالأنبياء السابقين، وأجر الإيمان بالرسول محمد صلى الله عليه وسلم، ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَءَامِنُواْ بِرَسُولِهِۦ [الحديد: 28] هذا خطاب لأهل الكتاب، ﴿يُؤۡتِكُمۡ كِفۡلَيۡنِ مِن رَّحۡمَتِهِۦ وَيَجۡعَل لَّكُمۡ نُورٗا تَمۡشُونَ بِهِۦ وَيَغۡفِرۡ لَكُمۡۚ [الحديد: 28﴿وَٱلَّذِينَ يُؤۡمِنُونَ بِمَآ أُنزِلَ إِلَيۡكَ وَمَآ أُنزِلَ مِن قَبۡلِكَ وَبِٱلۡأٓخِرَةِ هُمۡ يُوقِنُونَ ٤ أُوْلَٰٓئِكَ عَلَىٰ هُدٗى مِّن رَّبِّهِمۡۖ وَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ ٥ [البقرة: 4- 5].

ولهذا لم يُعمِّم سبحانه بل قال: ﴿مَّا يَوَدُّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنۡ أَهۡلِ ٱلۡكِتَٰبِ [البقرة: 105].

أما الذين آمنوا منهم فهم إخواننا، الذين آمنوا منهم واستقاموا على دين الله هم إخواننا، المؤمنون في كل زمان وفي كل مكان، من أول الخليقة إلى آخرها إخوة من جميع الأمم.

وإنما هذا الوعيد وهذا الذم يتوجه إلى أهل الكتاب الذين كفروا بالله عز وجل، والذين كفروا بعيسى، والذين كفروا بمحمد، فهؤلاء أهل كتاب؛ لأنهم تعلموا التوراة والإنجيل، لكنهم كفار وإن كانوا أهل كتاب؛ لأنهم لم يعملوا بالكتاب الذي معهم، وحَرَّفوا وبَدَّلوا وغَيَّروا وكفروا بالرسولين: عيسى ومحمد عليهما الصلاة والسلام.

فهؤلاء هم الذين يتوجه إليهم الذم، وقرنهم الله بالمشركين الوثنيين فقال: ﴿مَّا يَوَدُّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنۡ أَهۡلِ ٱلۡكِتَٰبِ وَلَا ٱلۡمُشۡرِكِينَ [البقرة: 105]


الشرح