×
دروس التفسير في المسجد الحرام الجزء الأول

المسلمين في تلك الفترة -فترة الصبر على أذى الكفار وعدم مقاومتهم- أَمَر الله المسلمين بإقام الصلاة فقال: ﴿وَأَقِيمُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتُواْ ٱلزَّكَوٰةَۚ [البقرة: 110]، كما في قوله تعالى: ﴿أَلَمۡ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ قِيلَ لَهُمۡ كُفُّوٓاْ أَيۡدِيَكُمۡ وَأَقِيمُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتُواْ ٱلزَّكَوٰةَ [النساء: 77].

﴿وَأَقِيمُواْ ٱلصَّلَوٰةَ [البقرة: 110]: لأن الصلاة تُربي المسلمين وتقويهم، كما قال جل وعلا: ﴿وَٱسۡتَعِينُواْ بِٱلصَّبۡرِ وَٱلصَّلَوٰةِۚ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى ٱلۡخَٰشِعِينَ [البقرة: 45]، ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱسۡتَعِينُواْ بِٱلصَّبۡرِ وَٱلصَّلَوٰةِۚ إِنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلصَّٰبِرِينَ [البقرة: 153]. فالصلاة لها سرٌّ عظيم.

والمراد: الصلوات الخمس التي فرضها الله سبحانه وتعالى.

ومعنى: ﴿وَأَقِيمُواْ ٱلصَّلَوٰةَ [البقرة: 110] أدوها كما أمركم الله جل وعلا بشروطها وأركانها وواجباتها وسننها، مع الخشوع، هذه هي الصلاة القائمة، وتؤدى في مواقيتها، وأن تؤدى مع الجماعة في المساجد، وأن تؤدى بخشوع وحضور قلب. هذا معنى إقامة الصلاة.

أما الصلاة التي لا تؤدى على ما أَمَر الله؛ فإنها لا تكون صلاة معتبرة! فالصلاة التي لا تؤدى في وقتها ليست بصلاة. والصلاة التي لا تؤدى مع جماعة المسلمين في المساجد صلاة ناقصة غير تامة. والصلاة التي لا تؤدى بخشوع وطُمأنينة وحضور قلب ليست صلاة كاملة، وإنما هي صلاة صورية، وليست صلاة حقيقية. هذا معنى: ﴿وَأَقِيمُواْ ٱلصَّلَوٰةَ [البقرة: 110].

﴿وَءَاتُواْ ٱلزَّكَوٰةَۚ [البقرة: 110]: لأن الزكاة هي قرينة الصلاة، وهي حق أوجبه الله في أموال الأغنياء، ﴿وَٱلَّذِينَ فِيٓ أَمۡوَٰلِهِمۡ حَقّٞ مَّعۡلُومٞ ٢٤ لِّلسَّآئِلِ وَٱلۡمَحۡرُومِ ٢٥ [المعارج: 24- 25]، فالزكاة قرينة الصلاة، فمن صلى ولم يُزَكِّ وعنده


الشرح