×
دروس التفسير في المسجد الحرام الجزء الأول

 مال ولم يزكِّه؛ فإنه ترك ركنًا من أركان الإسلام، وليس تطوعًا إن شاء عمله وإن شاء تركه، بل هو فرض محتم أوجبه الله، فالصلاة إحسان بين العبد وبين ربه، والزكاة إحسان بين العبد وبين إخوانه المسلمين.

فهما ركنان عظيمان:

الصلاة: تنهى عن الفحشاء والمنكر، وفيها ذكر الله، وذكر الله أكبر.

والزكاة: طُهْرة للنفس من الشح والبخل، وطُهْرة للمال، ومواساة للفقراء والمساكين والمحتاجين، ففيها سر عظيم، وإذا طابت نفس الإنسان بالزكاة طابت نفسه بغيرها من الصدقات، وإذا بَخِل بالزكاة فإنه يبخل بغيرها من باب أَوْلى.

فإخراج الزكاة يُعَوِّد المسلم على الجود والإحسان وبذل المال في طاعة الله. كما أنه إذا حافظ على الصلاة تَعَوَّد على سائر الطاعات والقربات؛ لأن الصلاة عون له على ذلك، فالصلاة تفتح له باب العبادات القولية والفعلية، البدنية واللسانية والقلبية. والزكاة تفتح للإنسان باب الجود والمعروف والبذل في طاعة الله سبحانه وتعالى.

ثم قال جل وعلا: ﴿وَمَا تُقَدِّمُواْ لِأَنفُسِكُم مِّنۡ خَيۡرٖ تَجِدُوهُ عِندَ ٱللَّهِۗ [البقرة: 110]، ما تقدموا لأنفسكم من خير، قليلاً كان أو كثيرًا فإنه محفوظ لكم عند الله، لن يَقْدِر اليهود والنصارى على أخذه؛ لأنه عند رب العالمين في مكان أمين، لا أحد يَقْدِر على أعمالك ويأخذها أو يبطلها أو يفسدها؛ لأنها محفوظة عند الله سبحانه وتعالى.

فلن يقدر أعداؤكم -مهما بلغوا - على إبطال ما تقدمونه عند الله من الخير القولي والعملي والمالي... وغير ذلك، كله يكون عند الله سبحانه وتعالى.


الشرح