×
دروس التفسير في المسجد الحرام الجزء الأول

إذا تخاصم مع شخص، أو اختلف مع شخص، لا يجوز له أن يجحد ما مع خَصْمه من الحق؛ بل الإنصاف يقتضي أن الإنسان يعترف بالحق الذي مع خصمه. ولا يحمله خلافه والبغض لخصمه على أن يجحد ما معه من الحق، بل يعترف بما معه من الحق.

فهم أنكروا هذا، قالوا: «النصارى ليسوا على شيء» أي: ما معهم حق أبدًا.

النصارى كذلك لما قالوا: ﴿لَيۡسَتِ ٱلنَّصَٰرَىٰ عَلَىٰ شَيۡءٖ [البقرة: 113]. معناه: أنهم كَمَّلوا أنفسهم وتنقصوا الآخرين. ومعناه: أنهم جحدوا ما مع اليهود من الحق بسبب البغض والحقد والحسد.

ما عند النصارى أشد مما عند اليهود من القبائح!!

وهل هناك أقبح من قولهم: ﴿إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلۡمَسِيحُ ٱبۡنُ مَرۡيَمَۖ [المائدة: 72] ؟!

أهناك أقبح من قولهم: ﴿إِنَّ ٱللَّهَ ثَالِثُ ثَلَٰثَةٖۘ [المائدة: 73]، تعالى الله عما يقولون.

أهناك أقبح من قولهم: ﴿ٱلۡمَسِيحُ ٱبۡنُ ٱللَّهِۖ [التوبة: 30] ؟!

هذه قبائح، ومع هذا لم ينظروا إليها، وإنما نظروا إلى عيوب الناس.

ولهذا يقول الله عز وجل: ﴿قُلۡ هَلۡ أُنَبِّئُكُم بِشَرّٖ مِّن ذَٰلِكَ مَثُوبَةً عِندَ ٱللَّهِۚ مَن لَّعَنَهُ ٱللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيۡهِ وَجَعَلَ مِنۡهُمُ ٱلۡقِرَدَةَ وَٱلۡخَنَازِيرَ وَعَبَدَ ٱلطَّٰغُوتَۚ أُوْلَٰٓئِكَ شَرّٞ مَّكَانٗا وَأَضَلُّ عَن سَوَآءِ ٱلسَّبِيلِ [المائدة: 60].

هذا كله في اليهود والنصارى، ومع هذا يتبجَّحون ويقولون: ﴿لَن يَدۡخُلَ ٱلۡجَنَّةَ إِلَّا مَن كَانَ هُودًا أَوۡ نَصَٰرَىٰۗ [البقرة: 111].


الشرح