×
دروس التفسير في المسجد الحرام الجزء الأول

ولا تبنى المساجد من أجل المباهاة أو من أجل الرياء والسُّمعة، بل تُبنى لله عز وجل، لذكر اسم الله فيها. هذا هو المقصود من بناء المساجد، ليس المقصود من بناء المساجد المباهاة، ليس المقصود من بناء المساجد تخليد الذكرى - كما يقولون - تخليد اسم من بناها، لا، هذا لا يجوز، ليس المقصود من بناء المساجد أن تكون أثرية، المقصود من بناء المساجد العبادة، عبادة الله عز وجل فيها.

ثم قال تعالى: ﴿وَسَعَىٰ فِي خَرَابِهَآۚ [البقرة: 114] أي: عَمِل أعمالاً لتخريب المساجد حسيًّا كالهدم، كأن يهدم المساجد، كما حصل من الكفار لمَّا هدموا بيت المقدس، وكذلك ما حصل من الكفار لمَّا غَزَوا بلاد المسلمين، وهدموا مساجد المسلمين، وكذلك ما حصل من القرامطة لمَّا دخلوا المسجد الحرام، وقتلوا المسلمين في المسجد الحرام، وسفكوا دماءهم في المسجد الحرام، واقتلعوا الحجر الأسود وذهبوا به إلى هَجَر. هذا كله من السعي في خراب المساجد.

فالخراب يشمل الخراب الحسي بالهدم، ويشمل الخراب المعنوي بمنع العبادة فيها، هذا خراب لها، ولو كانت قائمة، ولو كانت مزخرفة، ولو كانت مشيدة، إذا مُنِعت العبادة فيها فإنها قد خُرِّبت؛ لأنها لا تُعَمَّر إلا بذكر الله، قال تعالى: ﴿إِنَّمَا يَعۡمُرُ مَسَٰجِدَ ٱللَّهِ مَنۡ ءَامَنَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ وَأَقَامَ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتَى ٱلزَّكَوٰةَ وَلَمۡ يَخۡشَ إِلَّا ٱللَّهَۖ [التوبة: 18]. هكذا عمارة المساجد.

قوله تعالى: ﴿أُوْلَٰٓئِكَ مَا كَانَ لَهُمۡ أَن يَدۡخُلُوهَآ إِلَّا خَآئِفِينَۚ [البقرة: 114] أي: ليس لهم حق في المساجد؛ لأن المساجد للمسلمين، وليس لهم حق الدخول فيها، حتى الدخول فيها، ما لهم حق دخول المساجد إلا وهم على حالة الخوف من المسلمين.


الشرح