وإذا
أَمَر الله بالصلاة إلى الكعبة، وجب على المسلمين أن يُصلُّوا إلى الكعبة امتثالاً
لأمر الله تعالى، وتكون القبلة الأولى قد نُسخت.
والله
عز وجل له الأمر وله الشرع، يأمر بما شاء سبحانه وتعالى، ويَشرع ما يشاء سبحانه،
لا اعتراض عليه؛ ولهذا قال سبحانه وتعالى: ﴿لَّيۡسَ ٱلۡبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمۡ قِبَلَ ٱلۡمَشۡرِقِ وَٱلۡمَغۡرِبِ
وَلَٰكِنَّ ٱلۡبِرَّ مَنۡ ءَامَنَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ وَٱلۡمَلَٰٓئِكَةِ
وَٱلۡكِتَٰبِ وَٱلنَّبِيِّۧنَ﴾ [البقرة:
177].
الذي
آمن بالله يتبع أوامر الله ولا يعترض على الله سبحانه وتعالى، فالأمر أمره، والشرع
شرعه، والجهات كلها مِلْكه سبحانه وتعالى، فالواجب علينا أن ندور مع أمر الله عز
وجل.
ولهذا
النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه لما كانوا في مكة قبل الهجرة؛ صَلَّوا إلى بيت
المقدس؛ لأنه لم ينزل على الرسول صلى الله عليه وسلم أمر بالتحول عن بيت المقدس،
فكان يصلي إلى بيت المقدس، ولكنه يجعل الكعبة بين يديه.
ولما
هاجر صلى الله عليه وسلم إلى المدينة صلى إلى بيت المقدس ثمانية عشر شهرًا، أي:
سنة ونصف سنة؛ لأنه لم ينزل عليه أمر بالتحول عن بيت المقدس.
فلما
نزل أَمْر من الله أن تكون القبلة إلى الكعبة، تحول صلى الله عليه وسلم إلى
الكعبة؛ لأنه عبدٌ مأمور يمتثل أمر الله عز وجل. هذا هو الذي يؤمن بالله.
أما
الذي يتبع هواه ويعترض على أحكام الله، فهذا لا يؤمن بالله، هذا غير مؤمن، والعياذ
بالله.
فتكون
هذه الآية: ﴿وَلِلَّهِ ٱلۡمَشۡرِقُ وَٱلۡمَغۡرِبُۚ
فَأَيۡنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجۡهُ ٱللَّهِۚ﴾ [البقرة:
115] ردًّا على اليهود في اعتراضهم على تحويل القبلة إلى الكعبة.
ومعنى ذلك أنهم يعترضون على الله، وأنهم يعبدون الجهة التي