×
دروس التفسير في المسجد الحرام الجزء الأول

يريدونها، ولا يعبدون الله سبحانه وتعالى؛ لأنهم لو كانوا يعبدون الله حقيقة لامتثلوا أمره، فإذا أَمَرهم أن يصلوا إلى بيت المقدس صَلَّوا، وإذا أمرهم أن يصلوا إلى الكعبة صلوا، فهم عليهم الامتثال لكنهم يعاندون. فهذه الآية رَدٌّ عليهم.

وقيل: إن الآية نزلت في النافلة في السفر.

فالمسافر له أن يتهجد في الليل، وهو يسير في الطريق إلى الجهة التي يقصدها. والنبي صلى الله عليه وسلم إذا كان في سفر يتهجد في الليل وهو على الراحلة أينما توجهت به راحلته.

فالمسافر لا ينقطع عن العبادة، ولا ينزل ويقول: سأصلي بالليل. لا، بل يسير في الطريق، ويواصل السفر، ولا يُحْرَم من العبادة، بل يصلي وهو على راحلته، يصلي إلى حيث تَوَجَّه في سفره.

فتكون الآية تعني هذا، أي: التنفل في السفر لمن كان يسير في الطريق في الليل كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك.

ولا شك أن هذه الأمور الأربعة داخلة في معنى الآية، فكلها حق، والآية تشملها.

وكذلك: المريض الذي لا يستطيع التوجه إلى القبلة، وليس عنده أحد يوجهه إلى القبلة، ولا يستطيع أن يتوجه إلى القبلة؛ هذا لا يَترك الصلاة، بل يصلي ولو كان إلى غير القبلة. أما إذا كان يستطيع أن يتوجه إلى القبلة، أو عنده أحد يديره إلى القبلة فإنه يجب عليه ذلك.

وكذلك الأسير إلى غير القبلة، فهذا أيضًا يصلي ولا يترك الصلاة، ولو كان على غير القبلة؛ لأنه عاجز عن القبلة، والله عز وجل لا يكلِّف نفسًا إلا وسعها، لكن لا يترك الصلاة؛ 


الشرح