×
دروس التفسير في المسجد الحرام الجزء الأول

لقوله تعالى: ﴿فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ مَا ٱسۡتَطَعۡتُمۡ [التغابن: 16]، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ»([1]).

فهذه الآية فيها خير كثير لهذه الأمة. وفيها رفع للحرج، والحمد لله.

وفيها الرد على أعداء الله الذين يعترضون على استقبال الكعبة، ونَسْخ القبلة إليها بعد أن كانت إلى بيت المقدس، فبيت المقدس لله عز وجل، وهو بيت من بيوت الله، والكعبة لله بيت من بيوت الله عز وجل، والله عز وجل له الخلق والأمر، له أن يأمرنا أن نصلي إلى بيت المقدس، وله أن يأمرنا أن نصلي إلى الكعبة، وله أن يأمرنا أن نصلي إلى أي جهة أرادها سبحانه وتعالى، وليس علينا إلا الامتثال والطاعة. هذا هو الإيمان بالله.

﴿لَّيۡسَ ٱلۡبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمۡ قِبَلَ ٱلۡمَشۡرِقِ وَٱلۡمَغۡرِبِ وَلَٰكِنَّ ٱلۡبِرَّ مَنۡ ءَامَنَ بِٱللَّهِ [البقرة: 177]، فكل جهة أَمَر الله بالتوجه إليها فهي جهة الله سبحانه وتعالى.

﴿فَأَيۡنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجۡهُ ٱللَّهِۚ [البقرة: 115]، ووَجُه الله فسروه بأن المراد به: الجهة، أي: فثَمَّ الجهة التي هي القبلة. فما أَمَر الله بالتوجه إليه فهو الجهة التي هي القبلة، ﴿فَثَمَّ وَجۡهُ ٱللَّهِۚ [البقرة: 115] أي: القبلة التي شرعها الله سبحانه وتعالى. والوجه في اللغة: يطلق ويراد به الجهة.

وقيل: إن المراد بوجه الله: وجه الله حقيقة. وهو صفته سبحانه وتعالى، فالله عز وجل له وجه، وله يدان، وله صفات، وله سمع، وله بصر، وله صفات كثيرة لا يعلمها إلا الله.

فمعنى: ﴿فَثَمَّ وَجۡهُ ٱللَّهِۚ [البقرة: 115]: أي: وَجْه الله الذي هو صفة من صفاته عز وجل.


الشرح

([1]) أخرجه: مسلم رقم (1337).