وقد
جاء في الحديث أن الله عز وجل ينصب وجهه قِبل وجه المصلي إذا قام في صلاته،
ويُقْبل على المصلي، فَإِذَا قَالَ الْعَبْدُ: ﴿ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ﴾
[الفاتحة: 2] قَالَ اللهُ: «حَمِدَنِي عَبْدِي». فَإِذَا قَالَ: ﴿ٱلرَّحۡمَٰنِ ٱلرَّحِيمِ﴾ [الفاتحة:
3] قَالَ اللَّهُ عز وجل: «أَثْنَى عَلَيَّ عَبْدِي». فَإِذَا قَالَ: ﴿مَٰلِكِ يَوۡمِ ٱلدِّينِ﴾ [الفاتحة: 4] قَالَ اللَّهُ عز وجل: «مَجَّدَنِي
عَبْدِي». فَإِذَا قَالَ: ﴿إِيَّاكَ نَعۡبُدُ
وَإِيَّاكَ نَسۡتَعِينُ﴾ [الفاتحة:
5]، قَالَ اللَّهُ عز وجل: «هَذَا بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي، وَلِعَبْدِي مَا
سَأَلَ»، فَإِذَا قَالَ: ﴿ٱهۡدِنَا ٱلصِّرَٰطَ ٱلۡمُسۡتَقِيمَ﴾
[الفَاتِحَة: 6] الى آخر السورة، قَالَ اللَّهُ عز وجل: «هَذَا لِعَبْدِي،
وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ»([1]).
فيكون
معنى الآية: ﴿فَثَمَّ وَجۡهُ ٱللَّهِۚ﴾
[البقرة: 115] أي: إن الله عز وجل يواجهه، كما صح في الحديث، يَنصب وجهه
قِبل وجه المصلي وهو يخاطبه ويناجيه سبحانه وتعالى، والله يجيبه، كل ما خاطب الله
به، وناجى ربه به؛ فإن الله يجيبه، كما صح في الحديث، فالآية عامة.
قوله
تعالى: ﴿وَقَالُواْ ٱتَّخَذَ ٱللَّهُ
وَلَدٗاۗ﴾ [البقرة: 116] هذا ردٌّ على الذين
نسبوا الولد إلى الله من اليهود والنصارى والمشركين: فاليهود قالوا: عزير ابن
الله. والنصارى قالوا: المسيح ابن الله. والمشركون قالوا: الملائكة بنات الله. ﴿وَجَعَلُواْ ٱلۡمَلَٰٓئِكَةَ ٱلَّذِينَ هُمۡ عِبَٰدُ ٱلرَّحۡمَٰنِ
إِنَٰثًاۚ﴾ [الزخرف: 19].
وهذا تَنَقُّص عظيم لله سبحانه وتعالى؛ فإن الله لا ينبغي له أن يتخذ ولدًا؛ لأن الولد جزء من الوالد، فيكون الولد شريكًا لله، والله عز وجل لا شريك له. ولأن الولد شبيه بالوالد، والله عز وجل لا شبيه له ولا مثيل له. ولأن الوالد يحتاج إلى الولد؛ ﴿قَالُواْ ٱتَّخَذَ ٱللَّهُ وَلَدٗاۗ سُبۡحَٰنَهُۥۖ هُوَ ٱلۡغَنِيُّۖ﴾ [يونس: 68] غنيٌّ سبحانه عن اتخاذ الأولاد.
([1]) أخرجه: مسلم رقم (395).