والهداية
بيد الله سبحانه، والله لا يهدي إلا مَن يَصلح للهداية، ﴿إِنَّكَ لَا تَهۡدِي مَنۡ أَحۡبَبۡتَ وَلَٰكِنَّ ٱللَّهَ يَهۡدِي مَن
يَشَآءُۚ وَهُوَ أَعۡلَمُ بِٱلۡمُهۡتَدِينَ﴾
[القصص: 56]، هو أعلم سبحانه بالقلوب، وأعلم بالذين يريدون الحق فيوفقهم له، وأعلم
بالذين لا يريدون الحق فيصرفهم عن اتباع الحق.
أما
الرسل - عليهم الصلاة والسلام - فمهمتهم أن يُبلِّغوا ما أرسلهم الله به. وأما
حساب الناس فهو على الله جل وعلا، ﴿إِنۡ عَلَيۡكَ إِلَّا ٱلۡبَلَٰغُۗ﴾
[الشورى: 48﴿وَيَقُولُ ٱلَّذِينَ
كَفَرُواْ لَوۡلَآ أُنزِلَ عَلَيۡهِ ءَايَةٞ مِّن رَّبِّهِۦٓۗ إِنَّمَآ أَنتَ
مُنذِرٞۖ وَلِكُلِّ قَوۡمٍ هَادٍ﴾ [الرعد: 7﴿وَإِن مَّا نُرِيَنَّكَ بَعۡضَ ٱلَّذِي نَعِدُهُمۡ أَوۡ
نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِنَّمَا عَلَيۡكَ ٱلۡبَلَٰغُ وَعَلَيۡنَا ٱلۡحِسَابُ﴾ [الرعد: 40].
وقوله
جل وعلا﴿تَشَٰبَهَتۡ قُلُوبُهُمۡۗ﴾
[البقرة: 118]: بَيَّن الله السبب الذي من أجله اتفقوا على هذه الطريقة
الخبيثة، السبب الذي جعل المشركين يقولون لرسول الله صلى الله عليه وسلم مثلما
قالت الأمم السابقة لأنبيائهم؛ أن قلوبهم متشابهة في الزيغ والضلال؛ فتشابهت
أقوالهم.
وقوله
تعالى: ﴿وَلَا تُسَۡٔلُ عَنۡ
أَصۡحَٰبِ ٱلۡجَحِيمِ﴾ [البقرة: 119]: قيل: إن سبب نزول الآية سؤال الرسول صلى الله
عليه وسلم عن أبويه، جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يَا رَسُولَ
اللهِ، أَيْنَ أَبِي؟ قَالَ: «فِي النَّارِ»، فَلَمَّا قَفَّى دَعَاهُ،
فَقَالَ: «إِنَّ أَبِي وَأَبَاكَ فِي النَّارِ»([1])
لأنهم ماتوا على الكفر، ومَن مات على الكفر كان من أهل النار، ولو كان أبًا لنبي
من الأنبياء، لا ينفعه ذلك، إلا الإيمان بالله عز وجل، هذا الذي ينفع.
ثم قال جل وعلا: ﴿وَلَن تَرۡضَىٰ عَنكَ ٱلۡيَهُودُ وَلَا ٱلنَّصَٰرَىٰ حَتَّىٰ تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمۡۗ قُلۡ إِنَّ هُدَى ٱللَّهِ هُوَ ٱلۡهُدَىٰۗ وَلَئِنِ ٱتَّبَعۡتَ أَهۡوَآءَهُم بَعۡدَ ٱلَّذِي جَآءَكَ مِنَ ٱلۡعِلۡمِ مَا لَكَ مِنَ ٱللَّهِ
([1]) أخرجه: مسلم رقم (203).