×
دروس التفسير في المسجد الحرام الجزء الأول

فإذا تخلى المسلمون عن دينهم واتبعوا دين اليهود؛ رضُوا عنهم. أما إذا بقي المسلمون على دينهم فإن اليهود لا يرضَون عنهم، وكذلك النصارى لا يرضَون عنهم.

قال بعض المفسرين: هذه الآية فيها دليل على أن الكفر ملة واحدة؛ لأنه قال: ﴿حَتَّىٰ تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمۡۗ [البقرة: 120] مع أن اليهود غير النصارى، لكن لما كانوا كلهم كفارًا صارت ملتهم واحدة، وهي الكفر.

فيتفرع على ذلك أن الكفار يرث بعضهم بعضًا وإن اختلفت أديانهم؛ لأن ملتهم واحدة. والذين قالوا: «إن الكفر مِلَل شَتَّى» قالوا: لا توارث بين ملتين. والمسألة خلافية.

لكن بعضهم أَخَذ من هذه الآية أن الكفر ملة واحدة؛ لأن الله قال: ﴿مِلَّتَهُمۡۗ [البقرة: 120]، مع أن الله قال: «اليهود والنصارى» ومعروف أن اليهودية ملة، والنصرانية ملة أخرى.

وأما التعامل الدنيوي وتبادل المصالح بين المسلمين والكفار، والمعاهدات والتعايش السلمي بموجبها، والإحسان إلى من أحسن إلينا منهم؛ فهذه الأمور جائزة، وليست هي من الموالاة لهم ولا من الرضا بدينهم والاعتراف به.

قال الله جل وعلا لنبيه صلى الله عليه وسلم: ﴿قُلۡ إِنَّ هُدَى ٱللَّهِ هُوَ ٱلۡهُدَىٰۗ [البقرة: 120]، والهدى هو الذي أرسله على محمد صلى الله عليه وسلم، والذي أنزله على مَن قبله مِن الأنبياء، هو هدى الله، في كل زمان، وليس الهدى هو دين النصرانية أو دين اليهودية أو دين المجوسية أو دين...، ﴿هُدَى ٱللَّهِ [البقرة: 120]، واحد لا يتقسم، وهو الذي بَعث به رسوله صلى الله عليه وسلم.

فهذا فيه إبطال لليهودية، وإبطال للنصرانية المحرفة والمنسوخة؛


الشرح