×
دروس التفسير في المسجد الحرام الجزء الأول

فدية ليفتدي نفسه، يقدم مالاً لعله يَسْلَم من العذاب؛ ما يُقبل منه فدية، الله سبحانه وتعالى لا يقبل الفدية، ﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَوۡ أَنَّ لَهُم مَّا فِي ٱلۡأَرۡضِ جَمِيعٗا وَمِثۡلَهُۥ مَعَهُۥ لِيَفۡتَدُواْ بِهِۦ مِنۡ عَذَابِ يَوۡمِ ٱلۡقِيَٰمَةِ مَا تُقُبِّلَ مِنۡهُمۡۖ وَلَهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمٞ [المائدة: 36]، لو أن لهم ما في الأرض من الأموال وأيضًا مثله معه، وجاءوا ليفتدوا أنفسهم؛ ما تَقبَّل منهم، ﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَمَاتُواْ وَهُمۡ كُفَّارٞ فَلَن يُقۡبَلَ مِنۡ أَحَدِهِم مِّلۡءُ ٱلۡأَرۡضِ ذَهَبٗا وَلَوِ ٱفۡتَدَىٰ بِهِۦٓۗ [آل عمران: 91].

ليس مثل الدنيا، يمكن أنك تشتري نفسك بالمال، تتخلص من العقوبة بالمال. الآخرة ما فيها فدية، ﴿فَٱلۡيَوۡمَ لَا يُؤۡخَذُ مِنكُمۡ فِدۡيَةٞ وَلَا مِنَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْۚ مَأۡوَىٰكُمُ ٱلنَّارُۖ هِيَ مَوۡلَىٰكُمۡۖ وَبِئۡسَ ٱلۡمَصِيرُ [الحديد: 15].

الأمر الثالث: ﴿وَلَا تَنفَعُهَا شَفَٰعَةٞ [البقرة: 123]، ولا أحد يشفع له، يتوسط له عند الله أنه يخلص من هذا العذاب. مثل ما يكون هذا في الدنيا، أن الإنسان إذا طُلِب أو طولب بشيء؛ يُقدِّم معه واحدًا يتوسط له عند ولي الأمر، ويخفف عنه، أو يخلصه منه. هذا لا يحصل يوم القيامة، ﴿وَلَا تَنفَعُهَا شَفَٰعَةٞ [البقرة: 123].

وهذا خاص بالكفرة والمشركين، لا تنفعهم شفاعة، ولا أحد يشفع لهم، ولو شفع لا يُقبل؛ ﴿فَمَا تَنفَعُهُمۡ شَفَٰعَةُ ٱلشَّٰفِعِينَ [المدثر: 48]، ﴿مَا لِلظَّٰلِمِينَ مِنۡ حَمِيمٖ وَلَا شَفِيعٖ يُطَاعُ [غافر: 18]، فالكافر والظالم لا تُقبل فيه الشفاعة أبدًا.

أما الموحِّد المؤمن فتُقبل فيه الشفاعة بشرطين:

الشرط الأول: أن يَطلب الشفاعة من الله، فيقول: اللهم شَفِّع فيَّ نبيك. اللهم شَفِّع فيَّ عبادك الصالحين. يطلبها من الله؛ لأنها مِلْك لله، لا تُطلب من غيره، ﴿قُل لِّلَّهِ ٱلشَّفَٰعَةُ جَمِيعٗاۖ لَّهُۥ مُلۡكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۖ [الزمر: 44]. تَطلب من الله بهذا الشرط، ولا تَطلب من الأموات!


الشرح