×
دروس التفسير في المسجد الحرام الجزء الأول

تَعۡمَلُونَ بَصِيرٌ [فصلت: 40]. فكل هؤلاء لا يؤمنون بالقرآن، وهم يتفاوتون في كفرهم بالقرآن العظيم، وكلهم داخلون في هذا الوعيد.

﴿وَمَن يَكۡفُرۡ بِهِۦ [البقرة: 121] أي: بالقرآن.

إما أنه: يَكفر بألفاظه ويجحدها ويقول: لم تصدر من عند الله.

وإما أنه: يَكفر بمعانيه.

وإما أنه يقول: القرآن معناه من الله وأما الحروف والألفاظ فهي من الرسول صلى الله عليه وسلم. فيجعل القرآن مركبًا من مخلوق وغير مخلوق؛ مثل اللاهوت والناسوت عند النصارى.

وهذا قول فرقة من أهل التأويل، يقولون: القرآن معناه من الله، لكنَّ ألفاظه وحروفه من عند الرسول صلى الله عليه وسلم، هو الذي تكلم به، وهو الذي تلفظ به.

فهؤلاء أخذوا قول الجهمية من ناحية، وأضافوا إليه قول غيرهم من المؤولة والمبتدعة من ناحيةٍ أخرى، لا هم مع هؤلاء، ولا هم مع هؤلاء.

والواجب في القرآن أن نؤمن بأنه كلام الله حقيقة، أن الله تكلم به، وأنزله على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم بواسطة جبريل عليه السلام؛ ﴿قُلۡ مَن كَانَ عَدُوّٗا لِّـجِبۡرِيلَ فَإِنَّهُۥ نَزَّلَهُۥ عَلَىٰ قَلۡبِكَ بِإِذۡنِ ٱللَّهِ [البقرة: 97]، ﴿نَزَلَ بِهِ ٱلرُّوحُ ٱلۡأَمِينُ ١٩٣ عَلَىٰ قَلۡبِكَ لِتَكُونَ مِنَ ٱلۡمُنذِرِينَ ١٩٤ بِلِسَانٍ عَرَبِيّٖ مُّبِينٖ ١٩٥ [الشعراء: 193- 195]، ليس كلام الله المعاني دون الحروف ولا الحروف دون المعاني. هذا هو القرآن، وهذا هو الإيمان به، أن نعتقد أن القرآن كلام الله منزل غير مخلوق، منه بدأ وإليه يعود، وهذا من أصول العقيدة.


الشرح