أما من يتلاعب بهذه
المسألة؛ فإنه ممن يَكفر بالقرآن، ﴿وَمَن يَكۡفُرۡ بِهِۦ
فَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡخَٰسِرُونَ﴾ [البقرة: 121]، بمعنى أنهم فقدوا
السعادة في الدنيا والآخرة، خَسِروا دينهم، وخسروا دنياهم، وخسروا آخرتهم، والعياذ
بالله.
وحَصَر
الخسران فيهم، فقال: ﴿فَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡخَٰسِرُونَ﴾
[البقرة: 121]. أي لا أحد أشد خسارةً منهم؛ لأنهم سدُّوا على أنفسهم طريق الربح،
وهو الإيمان بالقرآن والعمل به، والاهتداء بهداه وتجنب ما نهى عنه؛ لأنه لا طريق
للفلاح إلا بهذا القرآن؛ لأنه حبل الله المتين؛ ﴿قَالَ ٱهۡبِطَا مِنۡهَا جَمِيعَۢاۖ بَعۡضُكُمۡ لِبَعۡضٍ عَدُوّٞۖ
فَإِمَّا يَأۡتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدٗى فَمَنِ ٱتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ
وَلَا يَشۡقَىٰ ١٢٣ وَمَنۡ أَعۡرَضَ عَن ذِكۡرِي فَإِنَّ لَهُۥ
مَعِيشَةٗ ضَنكٗا وَنَحۡشُرُهُۥ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ أَعۡمَىٰ ١٢٤ قَالَ رَبِّ لِمَ
حَشَرۡتَنِيٓ أَعۡمَىٰ وَقَدۡ كُنتُ بَصِيرٗا ١٢٥ قَالَ
كَذَٰلِكَ أَتَتۡكَ ءَايَٰتُنَا فَنَسِيتَهَاۖ وَكَذَٰلِكَ ٱلۡيَوۡمَ تُنسَىٰ ١٢٦﴾ [طه:
123- 126]، وهذا إعراض عن القرآن يترتب عليه هذا الوعيد الشديد، وأنه يُحشر يوم
القيامة أعمى، لما عَمِيت بصيرته عن القرآن في الدنيا، حشره الله يوم القيامة أعمى
البصر؛ ﴿وَمَن كَانَ فِي هَٰذِهِۦٓ
أَعۡمَىٰ فَهُوَ فِي ٱلۡأٓخِرَةِ أَعۡمَىٰ وَأَضَلُّ سَبِيلٗا﴾
[الإسراء: 72].
ولما
كان في مقدمة الذين كفروا بالقرآن أهل الكتاب من اليهود والنصارى، لا أقول: كلهم،
بل منهم مَن آمن بالقرآن، واتبع الرسول صلى الله عليه وسلم؛ هؤلاء لم يبخسهم الله
حقهم، بل ذكرهم في القرآن وأثنى عليهم، ووعدهم بالأجر مرتين.
إنَّما الكلام في الذين لم يؤمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم ولم يؤمنوا بالقرآن من اليهود والنصارى، مع أنهم يعلمون أنه من عند الله، وأن محمدًا رسول