ومِن
نعم الله عليهم: أنه جَعَل فيهم أنبياء وجعلهم ملوكًا، كما
ذَكَّرهم موسى عليه السلام بذلك في قوله: ﴿وَإِذۡ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوۡمِهِۦ يَٰقَوۡمِ ٱذۡكُرُواْ نِعۡمَةَ ٱللَّهِ
عَلَيۡكُمۡ إِذۡ جَعَلَ فِيكُمۡ أَنۢبِيَآءَ وَجَعَلَكُم مُّلُوكٗا وَءَاتَىٰكُم
مَّا لَمۡ يُؤۡتِ أَحَدٗا مِّنَ ٱلۡعَٰلَمِينَ﴾ [المائدة: 20]، أي: مِن عالَم زمانهم. جَعَل
فيكم أنبياء، فكل الأنبياء بعد إبراهيم عليه السلام من ذرية إسرائيل عليه السلام،
إلا محمدًا صلى الله عليه وسلم فإنه من ذرية إسماعيل بن إبراهيم عليهم الصلاة
والسلام، كما قال تعالى: ﴿وَجَعَلۡنَا فِي
ذُرِّيَّتِهِ ٱلنُّبُوَّةَ وَٱلۡكِتَٰبَ﴾
[العنكبوت: 27].
فجَعَل
فيهم الأنبياء، وجَعَل فيهم الملوك، ومكنهم في الأرض بعد أن كانوا مستضعفين،
ومشتتين تحت وطأة فرعون، فعليهم أن يشكروا الله سبحانه وتعالى.
ومِن
نعم الله عليهم: أنهم لما كانوا في التيه، في الصحراء القاحلة،
ليس عندهم ماء، وليس عندهم طعام؛ أوجد الله لهم الماء بأن أمر رسوله وكليمه موسى
عليه السلام أن يضرب الحجر؛ ﴿فَٱنۢبَجَسَتۡ مِنۡهُ ٱثۡنَتَا
عَشۡرَةَ عَيۡنٗاۖ قَدۡ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٖ مَّشۡرَبَهُمۡۚ﴾ [الأعراف:
160] الآية، بعدد أسباطهم حتى لا يتزاحموا على الماء.
وأوجد
الله لهم المنَّ والسلوى، وظَلَّل عليهم الغمام بدل أن تحرقهم الشمس، هذا من رحمة
الله سبحانه وتعالى.
ولهذا
ذَكَّرهم الله في قوله: ﴿يَٰبَنِيٓ إِسۡرَٰٓءِيلَ ٱذۡكُرُواْ نِعۡمَتِيَ ٱلَّتِيٓ أَنۡعَمۡتُ
عَلَيۡكُمۡ﴾ [البقرة: 122].
ثم
إن الله سبحانه وتعالى وعظهم، وذَكَّرهم بالمستقبل الذي ينتظرهم، وهو يوم القيامة،
يوم يحاسب الله الخلائق، فيجازي كل عامل بعمله.
فيجب على كل مؤمن أن يتذكر هذا اليوم، وأن يستعد له، ويعلم أنه مهما عمل في هذه الدنيا فإنه مُحصى عليه ومكتوب عليه في دواوين