قال
تعالى: ﴿إِنَّمَا ٱلتَّوۡبَةُ عَلَى
ٱللَّهِ لِلَّذِينَ يَعۡمَلُونَ ٱلسُّوٓءَ بِجَهَٰلَةٖ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن
قَرِيبٖ فَأُوْلَٰٓئِكَ يَتُوبُ ٱللَّهُ عَلَيۡهِمۡۗ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلِيمًا
حَكِيمٗا ١٧ وَلَيۡسَتِ ٱلتَّوۡبَةُ لِلَّذِينَ يَعۡمَلُونَ ٱلسَّئَِّاتِ
حَتَّىٰٓ إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ ٱلۡمَوۡتُ قَالَ إِنِّي تُبۡتُ ٱلۡـَٰٔنَ وَلَا ٱلَّذِينَ
يَمُوتُونَ وَهُمۡ كُفَّارٌۚ أُوْلَٰٓئِكَ أَعۡتَدۡنَا لَهُمۡ عَذَابًا أَلِيمٗا ١٨﴾
[النساء: 17، 18].
ثم
قال تعالى: ﴿أَمۡ كُنتُمۡ شُهَدَآءَ
إِذۡ حَضَرَ يَعۡقُوبَ ٱلۡمَوۡتُ إِذۡ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعۡبُدُونَ مِنۢ بَعۡدِيۖ﴾
[البقرة: 133]، أي: أنتم أيها المخاطبون مِنْ أمة محمد صلى الله عليه وسلم
لم
تحضروا وفاة يعقوب عليه السلام وما قال عندها لبنيه، وهذا يدل على أن القرآن مِنْ
عند الله، فالله هو الذي أخبركم بشيءٍ لم تحضروه.
ويعقوب
لما حضره الموتُ وصَّى بنيه وأكد لهم هذه الوصية، هذا مِنْ كمال نصحه عليه السلام
وكمال شفقته، فعندما حضره الموتُ لم ينسَ، ولم يذهله الموتُ عن دين أولاده والخوف
عليهم مِنَ الشرك، مع ما فيه مِنْ حضور الموت يوصي بنيه عليه السلام:
قال
لهم: ﴿مَا تَعۡبُدُونَ مِنۢ
بَعۡدِيۖ﴾ [البقرة: 133]؛ ليطمئن على عقيدة
بنيه ويموت وهو قرير العين بذلك.
فأجابوه:
﴿قَالُواْ نَعۡبُدُ إِلَٰهَكَ وَإِلَٰهَ ءَابَآئِكَ إِبۡرَٰهِۧمَ
وَإِسۡمَٰعِيلَ وَإِسۡحَٰقَ إِلَٰهٗا وَٰحِدٗا وَنَحۡنُ لَهُۥ مُسۡلِمُونَ﴾
[البقرة 133]، وإسماعيل عم ليعقوب، لكنه سماه أبًا؛ لأن العم يُسَمَّى أبًا؛ لأنه
صنو الوالد.
﴿إِلَٰهٗا وَٰحِدٗا﴾ [البقرة 133]: هذا براءةٌ مِنَ الشرك، فلا يكفي أن الإنسان يعبد الله، بل لا بد أن يتبرأ مِنَ الشرك، وإلا فالمشركون يعبدون الله، لكنهم يعبدون معه غيره، فلا تكفي عبادة الله بل لا بد