إنَّه
لا يَرْجع للمسلمين عزُّهم ومجدهم إلا إذا نصروا دينهم وكتابهم؛ ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِن تَنصُرُواْ ٱللَّهَ
يَنصُرۡكُمۡ وَيُثَبِّتۡ أَقۡدَامَكُمۡ﴾ [محمد: 7]، ﴿وَلَيَنصُرَنَّ ٱللَّهُ مَن يَنصُرُهُۥٓۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَقَوِيٌّ
عَزِيزٌ﴾ [الحج:
40]، بهذا الشرطـ: ﴿مَن يَنصُرُهُۥٓ﴾
[الحج: 40] يعني: ينصر دينه.
﴿إِن تَنصُرُواْ ٱللَّهَ﴾ [محمد: 7]،
يعني: تنصروا دينه، وإلا فاللهُ جل وعلا عزيز قوي لا يحتاج إلى مَنْ ينصره، لكن
معنى ﴿إِن تَنصُرُواْ ٱللَّهَ﴾،
أي: تنصروا دينه وترجعوا إلى شريعتكم، وإلى اتّباع نبيِّكم محمدٍ صلى الله عليه
وسلم.
ثم
قال سبحانه وتعالى: ﴿وَمَا جَعَلۡنَا ٱلۡقِبۡلَةَ ٱلَّتِي كُنتَ عَلَيۡهَآ إِلَّا
لِنَعۡلَمَ مَن يَتَّبِعُ ٱلرَّسُولَ مِمَّن يَنقَلِبُ عَلَىٰ عَقِبَيۡهِۚ﴾
[البقرة: 143]، ﴿وَمَا جَعَلۡنَا ٱلۡقِبۡلَةَ
ٱلَّتِي كُنتَ عَلَيۡهَآ﴾، أي: استقبال بيت المقدس في أول
الإسلام، لماذا شرعه الله سبحانه ثم حوَّل المسلمين إلى الكعبة؟ لأجل الابتلاء
والامتحان؛ ليظهر المؤمن الصادق في إيمانه الذي يتبع ما أمر الله به، سواءٌ وجَّهه
الله إلى بيت المقدس، أو وجَّهه إلى الكعبة، أو وجَّهه إلى المشرق أو المغرب، فهو
يمتثل أمر الله.
هذا
هو المؤمن، فهو يتبع أمر الله سبحانه وتعالى، وهذا ما حصل من الصحابة مع الرسول
صلى الله عليه وسلم؛ فإنه لما حُوّلت القبلة مِنْ بيت المقدس إلى الكعبة، وصلى
النبي صلى الله عليه وسلم ومَنْ خلفه مِنَ المسلمين صلوا إلى الكعبة، باقي المساجد
ما علموا بذلك، فبقوا يصلون إلى بيت المقدس، ولم يعلموا أن القبلة قد حُوّلت،
فأحرموا بالصلاة إلى بيت المقدس، صلاة العصر في مسجد قباء؛ لأنه ما بلغهم الخبر.
ثم جاءهم رجل وهم في الصلاة فقال: أشهد بالله لقد حُوّلت القبلةُ إلى الكعبة. فداروا وهم في الصلاة إلى الكعبة؛ لأنهم يمتثلون أمر الله سبحانه وتعالى،