×
دروس التفسير في المسجد الحرام الجزء الأول

ولم يقولوا: لماذا تتحول؟ هم عبادٌ يتبعون أمر الله سبحانه وتعالى ولا يعترضون، ﴿إِلَّا لِنَعۡلَمَ مَن يَتَّبِعُ ٱلرَّسُولَ [البقرة: 143]، هؤلاء اتبعوا الرسول صلى الله عليه وسلم، لكن المنافقين صاروا يتساءلون: لماذا؟ واليهود أيضًا صاروا يشمتون بالمسلمين يقولون: نبيكم صار متحيرًا؛ لا يدري أين يستقبل: تارةً يستقبل بيت المقدس، وتارةً يستقبل الكعبة. هذا معناه أنه متحير.

المشركون يقولون: إنه سيرجع إلى دين آبائه؛ لأنه توجَّه إلى الكعبة في مكة، وسيرجع إلى دين أهل مكة. هكذا قالت هذه الطوائفُ مِنَ المنافقين، ومن اليهود، ومن المشركين؛ فتبيّن المؤمنُ الصادق مِنَ المنافق، بل إن قومًا مِنْ ضعاف الإيمان ارتدوا عن الإسلام تأثرًا بمقالة اليهود: إن نبيكم صلى الله عليه وسلم ليس على حق، ولو كان على حق ما ترك القبلة التي كان يصلي إليها.

﴿مَا وَلَّىٰهُمۡ عَن قِبۡلَتِهِمُ ٱلَّتِي كَانُواْ عَلَيۡهَاۚ [البقرة: 142]، قال الله سبحانه وتعالى: ﴿قُل لِّلَّهِ ٱلۡمَشۡرِقُ وَٱلۡمَغۡرِبُۚ يَهۡدِي مَن يَشَآءُ إِلَىٰ صِرَٰطٖ مُّسۡتَقِيمٖ [البقرة: 142]، فالأمر مبنيٌّ على المتابعة، وليس الأمر مبنيًّا على المشرق أو المغرب، فنحن نتبع ما أمرنا الله به، قال الله: توجهوا إلى بيت المقدس، توجهنا، ثم قال الله لنا: توجهوا إلى الكعبة. قلنا: سمعًا وطاعة. وامتثلنا وتوجهنا إلى الكعبة.

أما الإنسانُ الذي عنده ريب وشك، أو الإنسان الشامت الذي يريد أن يلتمس العيوب للمسلمين؛ فإنه هو الذي يشكك في هذه الأمور، ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤۡمِنٖ وَلَا مُؤۡمِنَةٍ إِذَا قَضَى ٱللَّهُ وَرَسُولُهُۥٓ أَمۡرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ ٱلۡخِيَرَةُ مِنۡ أَمۡرِهِمۡۗ وَمَن يَعۡصِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ فَقَدۡ ضَلَّ ضَلَٰلٗا مُّبِينٗا [الأحزاب: 36]. الأمر يدور على الشرع، فنحن نتبع ما شرع اللهُ سبحانه وتعالى، ولا نعترض على الله سبحانه وتعالى.


الشرح