فهم
على طرفي نقيض في الأنبياء: طرف يؤذيهم ويحتقرهم ويكذبهم ويقتل بعضهم، وهم اليهود.
وطرف يغلو فيهم حتى يرفعهم من مرتبة البشرية إلى مرتبة الألوهية، وهم النصارى.
أما
هذه الأمة - ولله الحمد - فإنها تؤمن بجميع النبيين والمرسلين، وتؤمن بجميع الكتب؛
﴿قُولُوٓاْ ءَامَنَّا بِٱللَّهِ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيۡنَا وَمَآ
أُنزِلَ إِلَىٰٓ إِبۡرَٰهِۧمَ وَإِسۡمَٰعِيلَ وَإِسۡحَٰقَ وَيَعۡقُوبَ وَٱلۡأَسۡبَاطِ
وَمَآ أُوتِيَ مُوسَىٰ وَعِيسَىٰ وَمَآ أُوتِيَ ٱلنَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمۡ
لَا نُفَرِّقُ بَيۡنَ أَحَدٖ مِّنۡهُمۡ وَنَحۡنُ لَهُۥ مُسۡلِمُونَ﴾ [البقرة: 136]، ﴿ءَامَنَ ٱلرَّسُولُ بِمَآ أُنزِلَ إِلَيۡهِ مِن رَّبِّهِۦ وَٱلۡمُؤۡمِنُونَۚ
كُلٌّ ءَامَنَ بِٱللَّهِ وَمَلَٰٓئِكَتِهِۦ وَكُتُبِهِۦ وَرُسُلِهِۦ لَا نُفَرِّقُ
بَيۡنَ أَحَدٖ مِّن رُّسُلِهِۦۚ وَقَالُواْ سَمِعۡنَا وَأَطَعۡنَاۖ غُفۡرَانَكَ
رَبَّنَا وَإِلَيۡكَ ٱلۡمَصِيرُ﴾ [البقرة: 285].
وهذه
الأمةُ وسط بين اليهود والنصارى في حق عيسى، فهم يقولون: إن عيسى عليه السلام عبد
الله ورسوله، وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه. هذه عقيدة هذه الأمة في عيسى أنه
عبد الله، بخلاف ما تقوله النصارى: إنه ابن الله، فهو عبد لله عز وجل، ورسوله
خلافًا لما تقوله اليهود؛ فهم ينكرون رسالته، فهذه الأمة وسطٌ في الأنبياء بين
تطرف اليهود والنصارى.
وكذلك
هذه الأمة وسط - ولله الحمد - في عبادة الله، ليس عندها غلوٌّ وتشدد كتشدد النصارى
ورهبانيتهم، وليس عندها تفريطٌ في العبادة وإهمالٌ للعبادة كتفريط اليهود وإهمال
اليهود. فهم يعبدون الله مخلصين له الدين على وَفْق ما جاءهم به رسولُهم محمدٌ صلى
الله عليه وسلم، لا رهبانية، ولا تشدد في العبادة، ولا إهمال وتفريط كفعل اليهود.
وكذلك هذه الأمةُ وسط في التحليل والتحريم بين اليهود والنصارى،