×
دروس التفسير في المسجد الحرام الجزء الأول

 ثمَّ قال عز وجل: ﴿كَمَآ أَرۡسَلۡنَا فِيكُمۡ رَسُولٗا [البقرة: 151]، كما أنَّنا أتممنا عليكم النِّعمة باستقبال الكعبةِ، فهناك نعمةٌ أعظم منها، وهي بِعْثة هذا الرَّسول صلى الله عليه وسلم، فبعثة الرسول هي أعظم نعمة أنعم الله بها على المسلمين، قال تعالى: ﴿لَقَدۡ مَنَّ ٱللَّهُ عَلَى ٱلۡمُؤۡمِنِينَ إِذۡ بَعَثَ فِيهِمۡ رَسُولٗا مِّنۡ أَنفُسِهِمۡ يَتۡلُواْ عَلَيۡهِمۡ ءَايَٰتِهِۦ وَيُزَكِّيهِمۡ وَيُعَلِّمُهُمُ ٱلۡكِتَٰبَ وَٱلۡحِكۡمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبۡلُ لَفِي ضَلَٰلٖ مُّبِينٍ [آل عمران: 164].

فبعثةُ هذا الرَّسولِ صلى الله عليه وسلم هي أعظم نعمةٍ مِنَ الله عز وجل على عباده المؤمنين؛ لأنَّ الله هداهم به مِنَ الضَّلالة، وأنقذهم به مِنَ الكفر إلى الإيمان، وأنقذهم به مِنَ النَّار إلى الجنَّة، وأنقذهم به من الجهل؛ فهذا أعظمُ النِّعم.

﴿كَمَآ أَرۡسَلۡنَا فِيكُمۡ رَسُولٗا مِّنكُمۡ [البقرة: 151]: ﴿مِّنكُمۡمِنْ قبيلتكم، عربيٌّ وأنتم عرب، بلسانكم ومِنْ نسبكم، تعرفونه وتعرِفون أمانته، وتعرِفون أين نشأ وأين تربى صلى الله عليه وسلم ﴿رَسُولٗا مِّنكُمۡ ما مِنْ غيركم. وهذه سنَّة الله عز وجل أنَّه يبعث الرُّسل مِنْ جنس الأمم، قال تعالى: ﴿وَمَآ أَرۡسَلۡنَا مِن رَّسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوۡمِهِۦ لِيُبَيِّنَ لَهُمۡۖ [إبراهيم: 4]. فكون الرَّسولِ صلى الله عليه وسلم منَّا هذه نعمة عظيمة، ويتكلَّم بلساننا ويعيش معنا ونسأله عمَّا أشكل علينا، هذه نعمة عظيمة.

﴿كَمَآ أَرۡسَلۡنَا فِيكُمۡ رَسُولٗا مِّنكُمۡ يَتۡلُواْ عَلَيۡكُمۡ ءَايَٰتِنَا [البقرة: 151]: ما كان عند العرب آياتٌ ولا قرآنٌ، كانوا في جهل، العرب ما جاءهم كتابٌ مثل اليهود والنَّصارى، ما جاءهم كتاب، كانوا يعيشون في جهل؛ لأنَّهم ما عندهم كتاب، قال تعالى: ﴿لِتُنذِرَ قَوۡمٗا مَّآ أَتَىٰهُم مِّن نَّذِيرٖ مِّن قَبۡلِكَ لَعَلَّهُمۡ يَهۡتَدُونَ [السجدة: 3]. قال تعالى: ﴿وَمَآ ءَاتَيۡنَٰهُم مِّن كُتُبٖ يَدۡرُسُونَهَاۖ وَمَآ أَرۡسَلۡنَآ إِلَيۡهِمۡ قَبۡلَكَ مِن نَّذِيرٖ [سبأ: 44].


الشرح