×
دروس التفسير في المسجد الحرام الجزء الأول

فأصبحتم الآن سادة العالم بالعلم والحكمة والعمل الصَّالح، هل يعدل هذه النِّعمة نعمة؟!

ثمَّ قال سبحانه وتعالى: ﴿فَٱذۡكُرُونِيٓ أَذۡكُرۡكُمۡ [البقرة: 152]. اذكروا الله بطاعته سبحانه وتعالى وامتثال أمره.

والذِّكر يشمل الذِّكر باللِّسان: بالتَّسبيح والتَّهليل والتَّكبير، ويشمل الذِّكر بالعمل: بالصَّلاة والصِّيام والحجِّ والعمرة والطَّاعات، ويشمل الذِّكر بتعلُّم العلم النَّافع، كلُّ هذا مِنْ ذكر الله سبحانه وتعالى.

ثمَّ قال: ﴿أَذۡكُرۡكُمۡ [البقرة: 152]: هذا الجزاء، الجزاءُ مِنْ جنس العمل. إذا ذكرتم الله ذَكَرَكم الله سبحانه وتعالى، ولهذا جاء في الحديث الصَّحيح: «مَنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي، وَمَنْ ذَكَرَنِي فِي مَلإٍَ ذَكَرْتُهُ فِي مَلإٍَ خَيْرٍ مِنْهُمْ»([1]) يعني: الملائكةَ.

﴿فَٱذۡكُرُونِيٓ أَذۡكُرۡكُمۡ وَٱشۡكُرُواْ لِي [البقرة: 152]: الشُّكر ثناء على الله بهذه النِّعمة العظيمة. والشُّكر لا بدَّ أن يكون باللِّسان، قال تعالى: ﴿وَأَمَّا بِنِعۡمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثۡ [الضحى: 11].

فتُثْنِي على الله بلسانك، ويكون الشُّكر - أيضًا - بالقلب بأن تعترف بنعمة الله عليك، ويكون الشُّكر - أيضًا - بالعمل بأن تعملَ بهذه النِّعمة بطاعة الله، فتشكر الله قولاً واعتقادًا وعملاً، هذه أركانُ الشُّكر.

﴿وَٱشۡكُرُواْ لِي وَلَا تَكۡفُرُونِ [البقرة: 152]، أي: لا تكفروا بنعمتي ولا تجحدوها. فالمراد بقوله: ﴿وَلَا تَكۡفُرُونِ: كفر النِّعمة، أي: لا تكفروا نعمة الله؛ فتكونوا مِنَ ﴿أَلَمۡ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ بَدَّلُواْ نِعۡمَتَ ٱللَّهِ كُفۡرٗا وَأَحَلُّواْ


الشرح

([1]) أخرجه: البخاري رقم (7405)، ومسلم رقم (2675).