فأصبحتم
الآن سادة العالم بالعلم والحكمة والعمل الصَّالح، هل يعدل هذه النِّعمة نعمة؟!
ثمَّ
قال سبحانه وتعالى: ﴿فَٱذۡكُرُونِيٓ أَذۡكُرۡكُمۡ﴾ [البقرة:
152]. اذكروا الله بطاعته سبحانه وتعالى وامتثال أمره.
والذِّكر
يشمل الذِّكر باللِّسان: بالتَّسبيح والتَّهليل والتَّكبير، ويشمل الذِّكر بالعمل:
بالصَّلاة والصِّيام والحجِّ والعمرة والطَّاعات، ويشمل الذِّكر بتعلُّم العلم
النَّافع، كلُّ هذا مِنْ ذكر الله سبحانه وتعالى.
ثمَّ
قال: ﴿أَذۡكُرۡكُمۡ﴾
[البقرة: 152]: هذا الجزاء، الجزاءُ مِنْ جنس العمل. إذا ذكرتم الله ذَكَرَكم الله
سبحانه وتعالى، ولهذا جاء في الحديث الصَّحيح: «مَنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ
ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي، وَمَنْ ذَكَرَنِي فِي مَلإٍَ ذَكَرْتُهُ فِي مَلإٍَ
خَيْرٍ مِنْهُمْ»([1])
يعني: الملائكةَ.
﴿فَٱذۡكُرُونِيٓ أَذۡكُرۡكُمۡ وَٱشۡكُرُواْ لِي﴾ [البقرة: 152]: الشُّكر ثناء على الله بهذه
النِّعمة العظيمة. والشُّكر لا بدَّ أن يكون باللِّسان، قال تعالى: ﴿وَأَمَّا بِنِعۡمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثۡ﴾
[الضحى: 11].
فتُثْنِي
على الله بلسانك، ويكون الشُّكر - أيضًا - بالقلب بأن تعترف بنعمة الله عليك،
ويكون الشُّكر - أيضًا - بالعمل بأن تعملَ بهذه النِّعمة بطاعة الله، فتشكر الله
قولاً واعتقادًا وعملاً، هذه أركانُ الشُّكر.
﴿وَٱشۡكُرُواْ لِي وَلَا تَكۡفُرُونِ﴾ [البقرة: 152]، أي: لا تكفروا بنعمتي ولا تجحدوها. فالمراد بقوله: ﴿وَلَا تَكۡفُرُونِ﴾: كفر النِّعمة، أي: لا تكفروا نعمة الله؛ فتكونوا مِنَ ﴿أَلَمۡ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ بَدَّلُواْ نِعۡمَتَ ٱللَّهِ كُفۡرٗا وَأَحَلُّواْ
([1]) أخرجه: البخاري رقم (7405)، ومسلم رقم (2675).