×
دروس التفسير في المسجد الحرام الجزء الأول

فلهذا قال الله عز وجل في هذه الآية: ﴿فَٱسۡتَبِقُواْ ٱلۡخَيۡرَٰتِۚ [البقرة: 148]، أي: بادروا إلى فعل الطَّاعات؛ لأنَّها تفوت، وما فات فلن يعودَ. بادروا أعماركم، وأصلحوا أعمالكم، وتوبوا مِنْ ذنوبكم قبل أن يُحال بينكم وبين العمل الصَّالح وبين فعل الخيرات.

﴿فَٱسۡتَبِقُواْ ٱلۡخَيۡرَٰتِۚ [البقرة: 148]: بادروها قبل فواتها.

ومن استباق الخيرات: المبادرةُ بأداء الواجب الَّذي في ذمتك، إذا كان في ذمَّتك واجبٌ لله عز وجل، أو واجبٌ للنَّاس مِنَ الدّيون والحقوق، فبادر بتفريغ ذمَّتك منه، ولا تؤجِّل فتموت وهذا الواجب في ذمَّتك، بادر.

إذا وجب عليك الحجُّ بادر إلى الحجِّ؛ لأنَّك لا تدري ما يعرض لك.

إذا جاءتِ الصَّلاة المفروضة بادر إلى الصَّلاة في أوَّل وقتِهَا ولا تؤخِّرها، الصَّلاة في أوَّل الوقت فيها رضوانُ الله سبحانه وتعالى.

فمِنَ المبادرة إلى الخيرات والاستباق إلى الخيرات: المبادرةُ إلى الصَّلاة في أوَّل وقتها، المبادرة بالحجِّ، المبادرة بالعمرة، المبادرة بالصَّدقة، المبادرة بالأعمال الصَّالحة بجميع أنواعها: مفروضة أو مستحبَّة، ﴿فَٱسۡتَبِقُواْ ٱلۡخَيۡرَٰتِۚ [البقرة: 148].

ثم قال سبحانه وتعالى: ﴿أَيۡنَ مَا تَكُونُواْ يَأۡتِ بِكُمُ ٱللَّهُ جَمِيعًاۚ [البقرة: 148]. أينما تكونوا مِنَ الأرض في برٍّ، أو في بحر، أو في مشرق، أو في المغرب، أو في القبور، أو في أعماق البحار، أو في أجواف السِّباع، أينما تكون جنائزكم بعد الموت ورفاتكم فإنَّ الله يجمعه، ويبعثكم مِنْ قبوركم في أيِّ مكانٍ في برٍّ أو في بحر أو في أيِّ مكان؛ فإنَّ الله سبحانه وتعالى يجمع هذا البدن المتفرِّق، ويعيد إليه الرُّوح الَّتي خرجت منه بالموت، يعيدها إليه؛


الشرح