×
دروس التفسير في المسجد الحرام الجزء الأول

فيقوم الإنسان سويًّا، ثمَّ يساقون إلى المحشر جميعًا، مِنَ المشرق والمغرب ومِنْ كلِّ مكانٍ يجتمعون في صعيدٍ واحدٍ، أوَّلهم وآخرهم، عربهم وعجمهم، وشرقيُّهم وغربيُّهم، يجتمعون في صعيدٍ واحد، ﴿يَأۡتِ بِكُمُ ٱللَّهُ جَمِيعًاۚ [البقرة: 148].

﴿أَيۡنَ مَا تَكُونُواْ [البقرة: 148]: في أيِّ مكان؛ لأنَّكم ما تخفون على الله سبحانه وتعالى.

ثم قال: ﴿إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٞ [البقرة: 148]، هذا لا يعجِزُ الله سبحانه وتعالى، فالَّذي خلقكم أوَّل مرَّة ولم يعجز عن ذلك قادرٌ على أن يعيدكم، وأن يجمعَكُمْ في مكانٍ واحد، وذلك على اللهِ يسيرٌ سبحانه وتعالى، قال تعالى: ﴿مَّا خَلۡقُكُمۡ وَلَا بَعۡثُكُمۡ إِلَّا كَنَفۡسٖ وَٰحِدَةٍۚ إِنَّ ٱللَّهَ سَمِيعُۢ بَصِيرٌ [لقمان: 28]. ﴿كَنَفۡسٖ وَٰحِدَةٍ كلمة واحدة، نداء واحد يجتمعون جميعًا، قال تعالى: ﴿وَمِنۡ ءَايَٰتِهِۦٓ أَن تَقُومَ ٱلسَّمَآءُ وَٱلۡأَرۡضُ بِأَمۡرِهِۦۚ ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمۡ دَعۡوَةٗ مِّنَ ٱلۡأَرۡضِ إِذَآ أَنتُمۡ تَخۡرُجُونَ [الروم: 25]. دعوة واحدة مِنَ الله سبحانه وتعالى على لسان الملك، يأمره الله، قال تعالى: ﴿وَٱسۡتَمِعۡ يَوۡمَ يُنَادِ ٱلۡمُنَادِ مِن مَّكَانٖ قَرِيبٖ [ق: 41]. قال تعالى: ﴿يَوۡمَ يَخۡرُجُونَ مِنَ ٱلۡأَجۡدَاثِ سِرَاعٗا [المعارج: 43].

ينادي المَلَكُ بأمر الله، ينادي هذه الأجسامَ المتفرِّقة واللُّحومَ المتمزِّقة، يناديها: إنَّ الله يأمركم أن تجتمعوا لفصل القضاء بينكم، ثُمَّ يُخرجون مِنَ القبور، ﴿مِنَ ٱلۡأَجۡدَاثِ، يعني: من القبور، ﴿سِرَاعٗا: ما يتأخَّرون.

قال تعالى: ﴿يَوۡمَ يَخۡرُجُونَ مِنَ ٱلۡأَجۡدَاثِ سِرَاعٗا كَأَنَّهُمۡ إِلَىٰ نُصُبٖ يُوفِضُونَ ٤٣ خَٰشِعَةً أَبۡصَٰرُهُمۡ تَرۡهَقُهُمۡ ذِلَّةٞۚ ذَٰلِكَ ٱلۡيَوۡمُ ٱلَّذِي كَانُواْ يُوعَدُونَ ٤٤ [المعارج: 43، 44].


الشرح